كأنها قمة «كفى!» العربية، في مواجهة «الفُرس» (بقناع مذهبي)، الذين استعادوا الاستراتيجية الصهيونية التي فشلت، وورثوا كل اطماعها وعنصريتها وأيديولوجيتها وأساليبها وامتهانها للفلسطينيين والعرب، والعالم. إذاً «إسرائيل، الكبرى». ملثمة بإمبراطورية إيرانية، توسعية، بالسلاح والميليشيات، والعصابات: في لبنان حزب الله، وفي سوريا (إضافة إلى الحزب العظيم المذكور)، الحرس الثوري، وميليشيات «مذهبية» مأجورة من بلاد الله الواسعة، وفي اليمن «أنصار الله« أي الحوثيون وفي العراق زمرة من كل لِسنٍ وأمة، تجتاح البلد العربي. إنها الحروب «المنفردة» لكن المتصلة للإنقضاض على الشعب العربي، وبلدانه وحدوده وأقطاره بمساعدة (إسرائيلية خلفية)، وأميركية سافرة، وروسية نافرة.
نيران الملالي، تشتعل في العالم العربي. وكنّا نسأل «أين العرب؟». أين عرب «صلاح الدين الأيوبي»؟ أين عرب «عبدالناصر»؟ أين عرب الملك فيصل السعودي الذي طرد كسينجر من مجلسه؟ أين روح مؤتمر «الخرطوم» ولاءاته الثلاث؟ وفي هذا الغياب العربي، لم يكفّ بنو فارس والزرداشتية، عن التبجح، عن إعلان عنجهيتهم، وخُيلائهم، بأنهم في صدد إنشاء الإمبراطورية الفارسية على أنقاض الأرض العربية، وها هي تنمو وتتأكد في أربعة أوطان عربية! في بيروت، سوريا، اليمن، العراق. كأنها تعلن كل يوم انتصاراً، ويعلن العرب كل يوم هزيمة. لكن «أفلتت» من هؤلاء الولاية الخامسة عندما تدخلت السعودية رداً على محاولة الانقلاب المذهبي في البحرين. سلاح الإمبراطورية يغزو ويغزو بلاد العرب، وألسنتهم تجرح الكرامة القومية، كل يوم: نحن الإمبراطورية الكبرى، والعرب، في ظل قسمتهم، ينوحون، إنهم الغزاة فمن يردهم!
ذلك أن الفُرس (لا علاقة لهم بالإسلام)، حوّلوا المعركة مذهبية، حوّلوا (مع أوباما) الربيع العربي صراعاً مذهبياً سنياً – شيعياً، أو سنياً سنياً! وهذه بالذات، حددت للمعركة الكبرى، أو حتى للأحداث الصغرى مسارات خاطئة خدمت إيران، وما يسمى الإسلام المتطرف كـ»داعش» والنصرة!
وتساءلت هل «بدأ الكيل يطفح»؟ متى! كوّنَ الحوثيون في اليمن، قوة مشتركة من بعض القبائل مزودة كادرات من «حزب الله»، ومعززة في الشمال… ووصلوا حتى إلى الحدود السعودية، والأردنية، واللبنانية. ماذا يبقى إذاً؟ اليافطات المذهبية (التقسيمية) فشلت، المفاوضات، والحوارات فشلت: استولوا على صنعاء بمشاركة الرئيس المخلوع علي صالح، في السادس من شباط الماضي أي قبل رحيل الملك عبدالله بأسبوعين. ونفذوا مرحلة مهمة من انقلابهم. وعندما هرب الرئيس الشرعي إلى عدن، وأعلنها عاصمة المقاومة، لحقوه إلى هناك: يريدون كل اليمن. كل هذا، وما زال العرب كأنهم يعيشون وهم المفاوضات العبثية مع هؤلاء الزنادقة.
لا المواجهة «الدينية» والمذهبية، نجحت ولا الحوار، ولا التدخلات العربية أعطت نتائجها! لم يبق إلا ما يمكن أن نسميه «الربيع العربي الآخر»، ربيع «الأنظمة» التي تراقب تآكل الأمة العربية بعيون الحسرة. وهذا لا يكفي! وها هي السعودية تنتفض؛ ترد.. وها هم العرب (أو فرقاء أقربون منهم)، يلبون نداءها. الحرب «العربية» اعلنت على الفُرس. «عاصفة الحزم». ليس رداً على انقلاب الحوثيين في اليمن فقط، بل رد على كل المخططات الفارسية: فلتكن الحرب بين بني فارس والعروبة. بين الزرداشتية والعرب. فلتعد الراية العربية ترفرف فوق حرب استعادة الأرض والكرامة والحضور والمواجهة. وحسناً فعلت السعودية (ونذكر حزب الله وغيره أن اسمها «المملكة العربية السعودية: وكلمة العربية تسبق السعودية: أي العروبة تسبق القطرية)، بأنها صنعت من تصديها «للانقلاب الحوثي» صحوتها القومية العربية في مواجهة الهيمنة الفارسية، عندما عززت قوتها العربية المشتركة في مؤتمر شرم الشيخ، خصوصاً بإقرار «إنشاء القوة العربية المشتركة»، وهو مشروع قابل للتوسع والاستيعاب في مواجهة طهران الفارسية. وقد ذهب بعضهم أبعد عندما سمى ذلك «نظام عربي جديد»، لأسباب كثيرة، كما أن إنشاء هذه القوة تبدو وكأنها استكمال لما حاولت الأنظمة العربية إقامته في الماضي «السوق العربية المشتركة»، و»التكامل العربي» (وطبعاً الوحدة العربية، الحلم البعيد حالياً). قلنا إنه استكمال لهذه الشعارات، لكنه في الواقع «تحويل» له، مع تحول التناقضات، وسحنة العدو. لكن سواء كان ذلك استكمالاً أو تحويلاً، فإن ما هو مضيء اليوم هو العودة إلى «العروبة». كأن مؤتمر شرم الشيخ يعلن «نكون عرباً أو لا نكون»، أي أنه استعاد شعار المقاومة ضد إسرائيل: «عروبة فلسطين»، «عروبة لبنان»، «عروبة مصر»، «عروبة سوريا»… التي يبدو وكأنها دفنت تحت ركام المؤامرات الإسرائيلية الإيرانية وبعض الأنظمة العربية، بتحويل المعركة بين الإسلام واليهود، وتحويل المعركة مع إيران بين المسلمين السنّة والشيعة. وأجمل ما افتتح به المؤتمر أعماله أغنية «وطني حبيبي وطني الأكبر». عندما كانت المواجهة مع إسرائيل هي مواجهة بين العرب وبين الاحتلال الصهيوني. هذه الأغنية التي أداها عبدالحليم حافظ وصباح ونجاة الصغيرة وشادية… ولحنها محمد عبدالوهاب، وقاد أوركستراها في عرض كبير حضره جمال عبدالناصر. وعندما قرأت مقالة الزميل جورج بكاسيني «أنا أفتخر بأني عربي» (عدد الأربعاء الماضي في جريدة المستقبل، تيمناً بمفتتح مؤتمر شرم الشيخ)، كبُر قلبي، أنا العروبي حتى آخر رمق في حياتي! ونتذكر هنا قصيدة الشاعر الكبير محمود درويش «سجّل أنا عربي» في مواجهة الاحتلال الصهيوني (وكانت عنوان أحد مقالاتي قبل سنوات في «المستقبل«) نعم! والمقاومة الفلسطينية في لبنان كله كانت تتحرك تحت شعار «عروبة القضية المقدسة».
[ الجماهير العربية
يومها، كانت الجماهير عربية حتى وإن كانت يسارية أو ليبرالية. لم تكن لا مذهبية ولا قطرية ولا عنصرية ولا دينية. كان انتماء «سحرياً» يمتد من الجاهلية إلى اليوم مروراً بالعصور الإسلامية، بل إنه الانتماء الثقافي للتنوير العربي. للنهضة العربية، الديموقراطية، التحريرية، المدنية، الإبداعية، السياسية (وحتى الدينية)، والاجتماعية. ونتذكر هنا كبار مشايخ الإسلام والمفكرين، ينظّرون ويستنهضون الزمن العربي الجديد بعد فترة الانحطاط العثمانية والاستعمار الأوروبي: أمثال الشيخ محمد عبده، والشيخ الأفغاني، والشيخ الطهطاوي، والشيخ الكواكبي، مع فرح أنطون، وشبلي الشميل، والعقاد، وطه حسين، وجبران خليل جبران وسلامة موسى… وأحمد فارس الشدياق ثم الناصرية وحزب البعث عندما كان حزباً وطنياً، نهضوياً، تحريرياً، قبل أن يتسلّم حزب البعث السلطة في سوريا والعراق وينقلب على كل أدبيات هذا الحزب، ودوره الجماهيري والثقافي، ويحولاه «إرثاً» متاعياً، عائلياً، أو يافطة لاستبدادهما، ليحل محل الحزب العربي حزب العائلة والعشيرة والمناطقية والمذهبية: هذان الحزبان هما أول من دحر فكرة العروبة النهضوية. وعندما رحل الكبير الكبير جمال عبدالناصر وخَلَفه أنور السادات استكمل هذا الأخير ما بدأه «البعث»، بمحاولته تدمير الإرث الناصري العلماني والعروبي. إلى فتات تناقضات دينية: فها هو الرئيس الثوري (من الضباط الأحرار)، يصبح الرئيس المؤمن، ليغذي الحركات الأصولية، ليضعف كل احتمال للحياة السياسية، ويُسفّه الناصرية، ويقمع اليسار، بهؤلاء «الأصوليين»، ثم خطط لفتنة بين المسلمين والأقباط (سَجن بابا الأقباط شهوراً عدة لأنه رفض الذهاب إلى إسرائيل!). وكانت ثمرة كل ذلك: زيارته المشؤومة لإسرائيل التي جددت الحرب في لبنان. وفعلت الهزائم الاقتصادية والعسكرية والسياسية فعلها في كفر العرب بعروبة يمثلها هؤلاء. ساعدت على ذلك إسرائيل ومخابراتها وحلفاؤها في الداخل وفي الغرب. لا يريدون لا عروبة ولا من يستعربون! لم يعودوا يحلمون سوى بعالم عربي.. بلا عرب، ولا عروبة، عالم مستكين، مُنهدم، محبط، بين مطرقة إسرائيل والأنظمة الاستبدادية. وهذا بالذات، وبعد رحيل عبدالناصر (أو بالأحرى بعد نكسة الـ67) استيقظت الحشرات التي تظهر في أزمنة القحط، والجفاف، والتصحر. أقصد الطائفية، والدينية المتصلبة، وأشكال الإيمان، كنوازع للنجاة، بعد فقدان كل أمل. وهنا بالذات وفي عز الحرب الباردة، طلعت إيران بثورتها الخمينية (أدار الخميني ثورته من باريس)، تماماً كما «اخترع» الأميركيون «القاعدة» وبن لادن لمحاربة الشيوعيين «الكفار» في أفغانستان. إذاً الرهان على الدين، بعدما كان رهان الأميركيين على الجنرالات في أميركا اللاتينية! وهذا من شأنه، في رأيهم، أن يحطم كل احتمال توحد في المنطقة العربية؛ وعندما ترسخ الحكم في طهران، (أقصد الجمهورية الإيرانية لا الإسلامية)، تعمّقت الشروخ، والجروح، من دينية إلى مذهبية. لا عروبة ولا نهضة إسلامية، ولا نهضة عربية: هناك المذهبية قناع متجدد في المنطقة (استعادة زمن الاستعمار العثماني)، إنها النداء المطلوب للأميركيين والإسرائيليين: جمهورية شيعية تُبرر الكيان اليهودي: واحد مقابل واحد. تماماً كما حدث في حروب الآخرين على لبنان، بتحطيم وحدة الشعب اللبناني بنزاعات مذهبية، ومقاومات طائفية، ومناطق «نظيفة»، وكانتونات نقية! إنه النقاء العرقي الذي روّجت له إسرائيل. النقاء العنصري عند «شعب الله المختار»، لينتقل بنقائه إلى «طائفة الله المختار» الآتية من إيران. إنها إمبراطورية «النقاء» (هذه هي الفكرة الآرية عند النازية!)، إمبراطورية الاستعلاء العنصري الفارسي… وكأن الدرب، كما سبق وقلنا، فتحت أمامها لتعربد، وتقتل، وتغزو، وتصنع الحروب، وتؤلف العصابات، وتقسم الشعوب (إسرائيل الأخرى)، وقد استفاد الملالي من هذا الفراغ العربي، الفكري، وآليات الدفاع والأدوات الاجتماعية، وتوكّل الأنظمة العربية، واستفراد بعضها، أو التقوقع كل في قطريته، حتى تبدأ رحلة الألف ميل الفارسية بالقضم، وبالتخوين، والشرذمة، فبدأت بالخاصرة الأضعف لبنان. فضربت (مع حليفها المذهبي السوري) المقاومة الوطنية، والمقاومة الفلسطينية، والثورة الفلسطينية في لبنان، لتحل محلها «مقاومة شيعية» انسجاماً مع مخططها التقسيمي.
[الحليف الأميركي ـ الإسرائيلي
ثم انتقلت إلى العراق مع حليفها الأميركي لإسقاط صدام حسين، ووراثته. وهكذا كان. إنها الولاية الجديدة، يتبعها لبنان «الولاية الثانية» ثم سوريا «الثالثة» ثم اليمن «الرابعة»! والله أربع ولايات وأربعة بلدان في بضع سنوات: إنها المعجزة! فلنكمل إذاً مع حليفنا الإسرائيلي، والأميركي، والروسي، رحلة الألف ميل الأخرى من إمبراطوريتنا. فكل الطرق مفتوحة أمامنا: كل المواجهات هشّة، كل المقاومات مختزلة بمقاومتنا «اللبنانية» العميلة: إنه الفراغ أمامها: لبنان صنع ربيعه العربي، المظفر، كمعجزة. لكن إيران وحزبها وآل الأسد وإسرائيل، حاصروه. وحاولوا خنقه، وتحديده، لكي لا تنتشر عدواه إلى أماكن أخرى. لكن الربيع العربي الواسع اندلع في تونس ومصر واليمن وليبيا… خلع بن علي، وكذلك مبارك، وعلي صالح، والقذافي… وها هو يستمر. وهنا بالذات ضُيّق عليه، ومورست على فاعلياته كل أشكال المحاصرة، والتشويه، والقمع، والقتل، حتى أنبتت الأنظمة وأميركا قوى إسلامية متطرفة (عدنا إلى الرهانات القديمة)، وأفلتت إيران ميليشياتها ومجرميها وعصاباتها في لبنان، واليمن، والعراق… لتلتقي بذلك في حلف مع الرئيسين: المخلوع علي في اليمن، والمهزوم بشار الأسد… ويخرجان المجرمين واللصوص والمتطرفين الإسلاميين من السجون ويلفتاهم ليؤسسوا «داعش» و»النصرة» – المتطرفين – في «مواجهة« التطرف الإيراني، وبتواطؤ مع النظام السوري. صار العرب يبن ثلاث كماشات: إسرائيل الأولى إيران، إسرائيل الثانية نظام البعث، وشبيهة إسرائيل المنظمات الأصولية التي اجتاحت أجزاء من سوريا، والعراق، وليبيا؛ وهنا هب أوباما، لا لمحاربة «داعش» بل للدفاع عن نظام بشار ونظام الملالي في طهران.
لكن إيران استغلت كل هذه الظواهر الإلهائية والشاغلة للعالم وللعرب ووظفتها لاستكمال مشروعها المعادي للعرب وللعرق العربي. وهذا الوضع كله يخدمها. فهي تحاول سحق العرب والعروبة تحت شعار فارسيتها، والعرب غارقون في «حروبهم» الإقليمية.. الغرب وأميركا خذلا الربيع السوري وكل ربيع آخر. نتنياهو أعلن «أن سقوط بشار الأسد كارثة على إسرائيل!» وهرع كل هؤلاء لنجدة النظام السوري. العرب خارج الموضوع كله. وصلوا إلى اليمن والعرب يفاوضون. فإلى لبنان والعرب ينتظرون. إلى ليبيا والعرب يتأسفون… وصلوا إلى حدود السعودية وسواها والعرب يضربون كفاً بكف! حتى كانت الصرخة الكبرى. حتى كان الربيع الآتي من الغضب، وتجاوز الذات، والكرامات الجريحة، وتقدم العدو الجديد.
لم يعد يحتمل أحدٌ كل هذا العجز. هذا القبول. هذا الانتظار. غطرسة خامنئي. اجتياح اليمن. وتهديد لبنان. لا! وكأن صوت عبدالناصر يدوّي «ما أُخِذ بالقوة لا يسترد إلاّ بالقوة»! وها هي القوة تعلن وصولها من السعودية: لم يعد هناك «صوت يعلو فوق صوت المعركة». والمعركة بدأت لضرب الانقلاب الإيراني في اليمن.
[ جنون «حزب الله»!
لكن لم يكن مفاجئاً أن يهب حزب إيران للتعبير عن «جنونه» من هذا الهجوم «العربي»، ومن هذا الحشد الدولي، ومن هذا التحالف العربي بقيادة السعودية «إنه العدوان» صرخ ظريف من لوزان، (حليف الأميركان وإسرائيل في سوريا والعراق)، إنهم العرب يا بني فارس في لبنان. لكن إيران بقيت في حدود الاحتجاج. أما السيد حسن نصرالله (الإمبراطوري أكثر من الإمبراطور)، فقد هاجم السعودية بعنف مهلوس، ومن الطبيعي ألا يوفر العرب هذه المرة، وراح يحاكمهم، أين كنتم وأين أنتم من فلسطين. تركتم فلسطين للعدو… خطبة هذيانية انفعالية تعبّر عن مدى فجاءة هؤلاء بالحدث العسكري، ومن ثم بالقمة العربية من ثم باستعادة «الخطاب العروبي الاستنهاضي». إذاً وكيل إيران في لبنان هو وكيل فلسطين أيضاً. ووكيل الوجود العربي.
لكن نسي السيد حسن أن النظام السوري وإيران هما اللذان حاربا عرفات (رمز القضية ويحاربون أبو مازن)، وشقا الوحدة الفلسطينية، النظام السوري عبر العميل أحمد جبريل، وإيران عبر «حماس» (عندما كانت إلى جانبها). فلنُذكرْ قليلاً حسن نصرالله بحلقات ضرب وجود المقاومة الفلسطينية (والوطنية): 1) إسقاط مخيم تل الزعتر: الميليشيات المسيحية واجهة، والنظام السوري وراءَها. 2) حرب المخيمات: الميليشيات الشيعية المؤيدة لسوريا وإيران في الواجهة وسوريا من ورائها. 3) الغزو الإسرائيلي عام 1982 الذي تتم بالاتفاق مع حافظ الأسد على ألا تتجاوز إسرائيل 40كلم، وهذا ما لم يلتزمه شارون، 4) حرب المخيمات في الشمال: بعض المرتزقة بقيادة أحمد جبريل كواجهة وآل الأسد وراءَها. وهذه الخدمة لإسرائيل (وبالتنسيق معها) يا سيد حسن، كان لبنان المكافأة: دخول الوصاية السورية لهذه الغاية، ولتحكم لبنان.
لا أريد أن أطيل في إيراد الأمثلة، ولكن لبنان قبل أن يولد كثير من زغاليل الحزب وقبل الجمهورية غير الإسلامية، دفع كثيراً ثمن نضاله ضد العدو. وهل نسيتم عبدالناصر ونكسة الـ67، وحرب 1973 الذي انتصر فيها العرب على إسرائيل؟
فأنتم يا حزب خامنئي لكي تحموا إسرائيل في الجولان حاولتم التواجد هناك، تماماً كما يحمي جيش الأسد الاحتلال الإسرائيلي في الجولان. وأنتم صعقتم عند اندلاع الربيع العربي، لأنه عربي أولاً، ولأنه سيغير المعادلات مع إسرائيل نفسها! فمحاربة هذا «العربي» محاربتكم «ربيع طهران» حتى ربيع اليمن الديموقراطي، دحرتموه… وزرعتم الفتنة، والمحصلة البعيدة المدى… حماية إسرائيل من كل طارئ عربي غير مضمون!
ونظن يا سيد حسن نصرالله، أنه لولا ضمانكم بموقف إسرائيل المؤيد لنظام الأسد، لما كنتم ذهبتم إلى هناك. ولولا وعودكم لإسرائيل بعدم «مسّ» جيشها في الجولان، لما كنتم ذهبتم إلى هناك، ولا ننسى عندما صرحتم «الجولان ليس من أولوياتنا» اليوم، وكأنكم تقولون لإسرائيل «إطمئني»… فلن نغير سياسة الأسد لا في الجولان… ولا في مزارع شبعا!
إذاً، ولو كان المجال أرحب، لكنا أفضنا في «موضوعكم» مع الصهيونية… خصوصاً وأنتم ورثتها الأوفياء لصمودها، ولمخططاتها!
لكن أُطلقَ النفيرُ العربي يا سيد حسن. ومئات ملايين العرب تنفسوا الصعداء، وها هم يتابعون أخبار «عاصفة الحزم»، وإنشاء قوة عربية مشتركة بفرح العائدين إلى أوطانهم!
عادت العروبة، يا سيد حسن، وعاد عبدالناصر بصوته «ما أخذ بالقوة لا يسترد إلاّ بالقوة»…
حتى الجُزُر العربية الثلاث!