أفضل ما قيل في القمة الاسلامية في اسطنبول، وأجمل ما صدر عنها، هو ما قاله الرئيس التركي رجب طيب اردوغان: ديانتي ليست المذهب السني ولا المذهب الشيعي، ديانتي هي الاسلام. غير أن القول شيء، والفعل شيء آخر والتطبيق شيء ثالث! وعندما نسمع كلام اردوغان يعجبنا، ولكن عندما نرى أفعاله نتعجب، على حد تعبير الرئيس الراحل عبدالناصر. والسلوك الحقيقي الذي اتبعه اردوغان في السلطة حتى الآن يشير الى أن ديانته ليست لا اسلامية ولا سنية ولا شيعية، وانما هي أولاً وأخيراً إخوانية وذات نهج توسعي، وهدفها الأسمى بعث الامبراطورية العثمانية، واقامتها من جديد تحت عنوان آخر يتجلبب أيضاً بالاسلام! وغالبية من الدول المؤثرة المشاركة في قمة اسطنبول هي في وضع مشابه لتركيا ولأردوغان، ولكن في ظروف خاصة تتعلق بكل دولة وبأوضاعها الداخلية والاقليمية والخارجية.
***
القصد من عقد القمة الاسلامية هو أن تكون تظاهرة للقوة، ولكنها عكست مظاهر ضعف وتشتت وتباعد. ونجاح مثل هذه القمة أو فشلها يقاس بما يمكن أن تولده من دينامية نحو المصالحات في اتجاه التضامن، أؤ عجزها عن ذلك. وما ظهر في هذه القمة أن المصافحة العربية – الاسرائيلية خارج نطاق اتفاقيات السلام هي أسهل من المصافحة بين دولة عربية اسلامية كبرى مثل مصر، ودولة اسلامية كبرى مثل تركيا. ورغم المساعي المبذولة من وراء الستار لم تظهر اشارات أو مقدمات مصالحة أو حتى حوار بين دولتين اسلاميتين جارتين مثل السعودية وايران. وأسوأ ما اكتشفه المؤتمرون في هذه القمة أنهم يواجهون خطراً داهماً هو الارهاب، وانه أطلق تسونامي معادياً للاسلام يتمثل ب الاسلاموفوبيا على مستوى العالم!
***
أسوأ من الأسوأ أنهم تلمسوا خطر الارهاب كتلمس العميان للفيل ولا يتفقون على مواصفاته! وليس ذلك مفاجئاً، ففي عالم اسلامي مترامي الأطراف اختلفت فيه الاجتهادات على تفسير النصوص الدينية، فهل من الغريب أن يختلفوا على التفسير السياسي للارهاب؟ ويطلقون الدعوات الى الوحدة الاسلامية ولكنهم يحكمون بنفس مذهبي مدمر. وحتى مبدأ تدخل دولة ما في شؤون الدول الأخرى، قابل للنقاش. أليس التدخل في شؤون الدول الأخرى هو العمود الفقري للدول الكبرى، وفي المقدمة أميركا وروسيا؟ أليست سياسة دول عربية نافذة قائمة عى قاعدة التدخل في دول عربية أخرى شقيقة؟ ألم تتدخل سوريا قي لبنان تقليدياً وتمت شرعنة هذا التدخل لاحقاً عربياً واقليمياً ودولياً؟ ثم ألم يتدخل لبنان في سوريا ب الحليب والبطانيات ولاحقاً بالسلاح علناً وعلى عينك يا تاجر.
التغيير لم يعد يبدأ من القمم، بل من القواعد الشعبية…