عادت »واشنطن« إلى »الشرق الأوسط« وإلى قلبه النابض »الوطن العربي«، بعدما كانت قد تركته »خطوة خطوة« ابتداء من عام ٢٠١١ حتى غابت عنه تماماً عام ٢٠١٥، خصوصاً بعد »اتفاقية لوزان« ٢-٤-٢٠١٥، ما بين مجموعة »٥ + ١« مع إيران، على أن يتم انجازه في نهاية يونيو – حزيران ٢٠١٥، ووصفته واشنطن بـ»التاريخي«، كما وصفه وزير الخارجية البريطانية السابق »فيليب هاموند« بـ»الجيد جداً«، أما روسيا فرحبت به وأكدت على أنه ذا تأثير إيجابي على الوضع الأمني العام في منطقة الشرق الأوسط!!
على كلٍ فإن »الادارة الأميركية السابقة« التي حقّقت مع »اتفاقية لوزان« ما اعتبرته الانجاز الديبلوماسي الوحيد في فترة »الرئاسة الثانية«، والذي حاولت تسويقه في الداخل الأميركي فقبله معظم الديموقراطيين، ورفضته الفئات الجمهورية، وتوعّدت بإسقاطه..
على العموم بعد هذه »الاتفاقية« ودّعت »واشنطن« الشرق الأوسط، وتوجهت نحو جنوبي آسيا، مما نتج عنه »فراغاً سياسياً« سدّته »موسكو« تحت شعار »الحرب على الإرهاب«.
والتي اتخذت من اسقاط طائرة مدنية لها في سيناء في أجواء لاتزال غامضة، اتخذت من هذه الحادثة سبباً مباشراً لسد »الفراغ الأميركي« في الشرق الأوسط، تحت شعار »الحرب على الإرهاب« ابتداء من »سوريا« وغطّت ذلك بمعاهدة الدفاع المشترك مع سوريا..
وقررت »واشنطن« مع »الادارة الجديدة« برئاسة »دونالد ترامب« العودة إلى »الشرق الأوسط«، تحت شعارها »أميركا القوية« و»الحرب على الإرهاب« من خلال شعارها »أميركا القوية«، فكان تسليحها للأكراد ودعمهم في سوريا على الرغم من اعتراض تركيا، وأرسلت »بعض قواتها« إلى »شمالي سوريا«.. وقصفت »قاعدة الشعيرات« السورية بحمص بعد حادثة »خان شيخون«..
ثم حمل »صفقة القرن« وذهب إلى »السعودية« ليعود من »بابها« إلى »الشرق الأوسط« عبر »رؤية استراتيجية جديدة« مع السعودية تجدّد »إتفاق كونيسي« الذي تم ما بين »الملك المؤسّس عبد العزيز آل سعود« و»الرئيس الأميركي الـ»٣٢« – فرانكلين روفلت – في ١٢-٤-١٩٤٥ والذي شدد عليه أمس »ترامب« في كلمته أمام المؤتمر العربي والاسلامي – الأميركي، وأشار إلى أن »اتفاقه مع الملك سلمان« هو »فصل جديد« من هذه الاتفاقية.
وكان »اتفاق كونيسي« يتضمن ٤ نقاط (كما أشرت إلى ذلك بقراءة الأربعاء ١٧-٥-٢٠١٧) وباختصار
»١- استقرار المملكة جزء من المصالح الحوية لدولة الولايات المتحدة الأميركية، وهي: تقدم لها الحماية غير المشروطة ضد أي تهديد خارجي. ٢- استقرار الجزيرة العربية (دول الخليج العربي خصوصاً) تحت قيادة السعودية، هو أيضاً جزء هام من المصالح الحيوية لدولة الولايات المتحدة الأميركية. ٣- امدادات السعودية لأميركا بالطاقة. ٤- التعاون الاقتصادي والمالي والتجاري والعسكري.
وما تم الجمعة في »القمة السعودية – الأميركية« في »الرؤية الاستراتيجية« ما بين البلدين، ومن اتفاقيات ثنائية على جميع المستويات، يمكن أن نُطلق عليه »اتفاق كونيسي متطور« ما بين »الملك سلمان بن عبد العزيز« و»دونالد ترامب« والذي شدد على استقرار المملكة وحمايتها من الأخطار الخارجية خصوصاً »الإرهاب«، ومن »ايران« وهذا ما شدد عليه أمس »ترامب« في كلمته في »القمة العربية الاسلامية – الأميركية«.
والاتفاق الجديد ارتكز إلى عاملين إستراتيجي وسياسي اضافة إلى توطيد العلاقات الثنائية على مستوى المجالات كافة بحوالى ١١٠ مليارات دولار، ستصل الى السعودية، ارتكز على مرتكزين رئيسيين: استراتيجي – سياسي أمني عسكري اضافة إلى توطيد العلاقات الثنائية على المجالات كافة بحوالى ١١٠ مليارات دولار، ستصل خلال ١٠ أعوام ٤٠٠ مليار دولار بهدف تعزيز قدرات السعودية الدفاعية تجاه التحديات التي تواجهها، من الأسلحة كافة، البرية والبحرية والجوية والأمن التكنولوجي. (كما أشرت إلى ذلك في قراءة الخميس ١٨-٥-٢٠١٧)..
وكما شدد »اتفاق كونيسي« على استقرار الجزيرة العربية، شددت »اتفاقية سلمان – ترامب« بحضور »ولي ولي العهد السعودي«، و»وزير الخارجية الأميركي«.. وهو ما شدد عليه »ترامب« أمس.
ويمكن التأكيد على أن »القمة العربية الاسلامية – الأميركية« كانت بداية لشراكة استراتيجية جديدة وبداية لـ»عودة جديدة« لواشنطن إلى الشرق الأوسط عنوانها »محاربة الإرهاب«.
الذي أعلن الملك سلمان بن عبد العزيز »الاستمرار في الحرب ضد هذا الارهاب الذي يشوه الدين الإسلامي، واطلاق »المركز العالمي لمواجهة الارهاب والتطرف«.. كما أكد الرئيس المصري وبكل وضوح ان الحرب ضد الإرهاب، تكون: ١- شاملة ضد كل المنظمات الإرهابية دون تمييز. ٢- المواجهة شاملة لمن يوفر التمويل والتسليح والملاذ والاعلام للتنظيمات الإرهابية. ٣- ان الحرب على الارهاب هي »معركة فكرية« بامتياز«. ٤- تسوية أزمات المنطقة وفي مقدمها القضية الفلسطينية عبر حل الدولتين وقرارات الأممية ذات الصلة، حتى لا يبقى للإرهاب ما يُبرّر فيه إرهابه..
وكما أكد »السيسي« – الحرب على الإرهاب – يتطلب استراتيجية شاملة تقوم على خطة عمل واضحة تتضمن القضاء على الإرهاب: تمويلاً وتسليحاً وملاذات آمنة..