لم يفهم من قمة العرب في نواكشوط انها جمعتهم على هدف واحد، بعدما تبين من خلال المشاركة الشكلية فيها انها قمة بكل ما لا تعنيه الكلمة من معنى، نتيجة اقتصار الحضور على نصف القادة العرب ممن لم يقدروا على التفاهم في ما بينهم خصوصا ان من قاطع القمة كان اكثر من الذين حضروها لاسيما انها مجيرة في الاساس من مصر التي اعتذرت عن استضافتها من قبل ان تعرف انها ستقاطعها.
لذا، يمكن القول عن قمة نواكشوط انها كانت قمة الامل الضائع نتيجة عدم وجود رغبة في الاساس في تحديد الاهتمامات العربية الواحدة باستثناء المشاكل المتفاقمة في كل من العراق وسوريا واليمن والبحرين وليبيا على رغم استمرار »العض الاسرائيلي على الجرح الفلسطيني« من غير حاجة الى الضحك على ذقون الامة التي لم تعد تعرف من اين تأتيتها المشاكل اضف الى ذلك ان مشاكل الامة الداخلية تحولت الى ما يشبه هموم المصير السياسي والمذهبي، بعدما دخلت العصابات على مجال تقرير المصير الواحد؟!
الذين مع الرأي القائل ان قمة نواكشوط لم تبدأ لتنتهي في يومين من الكلام في العموميات طالما ان لكل من شارك فيها هما واحدا اسمه هم المصير، حيث ظهر المشاركون وكأنهم في غابة سياسية لا تؤهل احدا لان يفهم ما يحيط به من مشاكل لان من حضر عرضا لم يشارك عن قناعة سياسية بقدر ما شارك عن قلة تفاهم بالنسبة الى ما كان مرجوا لان يفهم منه ان العرب في وحدة مصير مشترك لاسيما ان لا وحدة تجمعهم في صريح العبارة السياسية التي تجنبها القادة العرب بعدما تبين لهم صراحة ان مجالات تعافي العالم العربي لم يعد واردة في المستقبل المنظور (…).
السؤال المطروح: اين التقى القادة العرب في مشروع كلامي واحد ممن اتوا على ذكره، كي يقال مثلا ان القمة كان يمكن ان تنجح في شرح واقع العالم العرب، لان الاذهان غير صافية، مع العلم ايضا ان العرب في غير وارد فهم معاناة بعضهم حيث تلعب المصالح دورا اساسيا في تمزيق بعض المناطق، لاسيما ان السوريين المحسوبين على بشار الاسد تحولوا الى ما يفهم منه انهم دولة غير قادرة على ان تتعايش داخليات مع بعضها بمستوى تعايشها مع الخارج، والشيء بالشيء يذكر بالنسبة الى العراقيين والليبيين الذين لم يعرفوا كيف ينظرون الى دولة موحدة (…) وليس من هو احسن في اليمن وفي البحرين، فضلا عن اننا في لبنان نعاني من عدم وجود لمجلس نيابي يعرف كيف يمكن ان يكون سلطة تشريعية واحدة والامر عينه ينطبق على واقع حال الحكومة التي تعاني من سلطة وزرائها (…)
في كلام رئيس الحكومة تمام سلام في قمة نواكشوط ما يفهم منه ان بلدنا بحاجة الى مؤسسات تحمي الدولة وتلعب فيها دور الحكم الصالح، وهذا الاعتراف يفهم منه ان حكومتنا ممزقة وتعاني من عدم وجود سلطة تنفيذية قادرة على مواجهة المتطلبات الملحة اضف الى ذلك معاناة النصب والاحتيال داخل ادارات الدولة مع كل ما يعنيه ذلك من تشتت اقل ما يقال عنه وعليه وفيه انه يتناقض مع توفر القرار الواحد الذي يجسد مفهوم الدولة الواحدة، مع الاخذ في الاعتبار اننا نبقى افضل من غيرنا، مع العلم ايضا اننا غير قادرين كدولة على حل مشكلة النفايات ووقف الهدر في كل ما من شأنه ان يكفل تعافي المؤسسات؟!
ان النـظرة العامة الى الوضع في لبنان تؤكد في المطلق اننا لسنا في دولة ومؤسسات وشعب، قياسا على ما ندعيه كذبا اننا نسير الى الامام كي يفهم المواطن اللبناني العادي اننا عندما نتحدث في قمة عربية نجسد دولة حضارية يتطلع مواطنوها الى مستقبل يجسد واقع الحال وليس الامر الواقع، طالما ان كل وزير يسعى جهده لان يكون حكومة بحد ذاتها، والامر عينه ينطبق على معظم دول العالم العربي التي يسيطر فيها الهم الخاص والمصلحة الخاصة على المصلحة العامة بشهادة كل ما شرح هموم العرب ومعاناتهم في قمة نواكشوط التي لم يرق اليها هم القمة العملية ذات الهدف المصيري الواحد الذي يجمع القيادة مع الشعب كي لا نقول ان مصلحة القيادة في مكان ومصلحة الشعب في مكان اخر (…)
المهم ان لا يعود رئيس الحكومة تمام سلام محملا بالنتائج السلبية خصوصا انه لم يسمع كلمة مشجعة تسمح للبنانيين بأن يتوقعوا حلا معقولا للمشاكل التي يعانون منها كثيرة الى حد الاعجاز عن عدها وتضاهي في مختلف التوقعات معظم ما يقال عن احوال الاخوان العرب من غير حاجة الى ان تكون في مستوى واقع الحال في سوريا والعراق واليمن وليبيا حيث ان مصائرها مرهونة بالمجهول الاقليمي والدولي؟!