IMLebanon

قمة التوقّعات المتواضعة

الحفاوة العلنية التي قوبل بها الرئيس باراك أوباما في الرياض، والحديث العلني عن المصالح المشتركة في محاربة الارهاب، والتعاون العسكري لصون أمن الخليج ورفض الهيمنة الايرانية، لن تخفي حقيقة ان العلاقة بين ادارة أوباما ومعظم دول مجلس التعاون الخليجي قد وصلت الى ادنى مستوياتها منذ حظر النفط العربي عام 1973.

الانطباع السائد في دول الخليج العربية هو ان أوباما بدأ عملية الانسحاب الاميركي الطويل والتدريجي من منطقة الخليج، وهذا الانسحاب هو سياسي في المقام الاول، إذ يرى أوباما وعدد متزايد من السياسيين ان المنطقة لا تزال مهمة، لكنها لم تعد استراتيجية ومحورية كما كانت قبل غزو العراق. ما قاله أوباما لمجلة “أتلانتيك” أخيراً، عكس حقيقة مشاعره وتقويمه للمنطقة، فهو يرى انها مصدر للمتاعب والاضطرابات وعبء على أميركا وليست بالضرورة قيمة استراتيجية كبيرة. ويرى أوباما وغيره من المحللين ان الثورة التقنية التي شهدها قطاع الطاقة في العقد الاخير، وأدت الى زيادة انتاج النفط الاميركي أربعة ملايين برميل يومياً، قد قلصت اعتماد السوق الاميركي على نفط الخليج، إذ تستورد أميركا 12 في المئة من احتياجاتها النفطية من الخليج. أوباما ليس وحيداً، لان مواقف المرشحين الجمهوريين تجاه الخليج تعكس نزعة انعزالية نافرة.

ويعتقد زعماء الخليج، وهم محقون في ذلك، ان أوباما يرى الاتفاق النووي مع ايران على انه ابرز انجاز له في المنطقة. وأكثر ما يغضبهم، هو اخفاق أوباما في ردع سياسات ايران التخريبية في العراق وسوريا واليمن ولبنان، حتى خلال التفاوض النووي معها، وهو ما كانت تفعله واشنطن ضد موسكو خلال حقبة الحرب الباردة.

وعلى رغم وجود أكثر من 35 ألف عسكري أميركي في منطقة الشرق الاوسط، فان المخططين الاستراتيجيين يقولون ان هذا الوجود العسكري مرتبط بالحرب ضد “داعش” في العراق وسوريا، وانه في حال احتواء “داعش” واعادة بعض الاستقرار للعراق، ستبدأ واشنطن بخفض “بروفيلها” العسكري في المنطقة. مسؤول في مجلس الامن القومي توقع ان يصل عديد الجنود الاميركيين في المنطقة خلال عقد أو عقدين “بضعة آلاف جندي فقط”. لكن انخفاض حاجات أميركا النفطية من الخليج، لا يعني ان المنطقة فقدت أهميتها، لان اسعار النفط عالمية، ولان حلفاء أميركا مثل اليابان وكوريا الجنوبية والهند في حاجة الى نفط الخليج، وتالياً لن تنسحب أميركا كلياً من المنطقة، التي لن تحظى في السنوات المقبلة بمثل الاهتمام الذي كانت تحظى به في السابق. زعماء الخليج لا يتوقعون أي تغيير في سياسات أوباما ويتطلعون الآن الى الرئيس الاميركي الجديد.