IMLebanon

قمة لبنانية لا دينية

 

حسناً فعل رؤساء الطوائف في مأسسة القمة الروحية وجعل اجتماعاتها فصلية، لا عادية،

أو في مناسبات خاصة.

وحسناً فعلوا بالدعوة الى اطلاق المطرانين يازجي وابراهيم.

وحسناً، قولهم أيضاً إن انتخاب رئيس جمهورية للبنان، هو الضامن لبقاء لبنان، لبنان الوطن والشعب والكيان.

وهذه التعابير هي طائف ثانٍ، بعد قرابة ربع قرن، على الطائف الأول.

كان الأستاذ سعيد فريحه، يردّد في بدايات الاستقلال، ان استمرار الأخطاء في ممارسة القوانين، هو قضاء عليها، لأن الاستمرارية في الأخطاء، شبه قناعة بأن الفساد مرادف للجهل، وتعميق لذهنية تسْفيه الدستور.

من أجل ذلك نشأت في البلاد، ذهنية الصواب، وعقدة الخطأ.

وبين الاثنين راح الوزير رئيف أبي اللمع، في مطالع الخمسينات، ينسج كنزة المناضل ليرتديها السياسيون عندما تلفحهم برودة الشتاء، قبل شيوع حكاية كنزة المقاوم عند الفلسطينيين.

ولعل قول القمة الروحية في بيانها الختامي: ان استمرار الفراغ في رئاسة الجمهورية، مبعث استياء لما يشكّله من خطر على سيادة لبنان، وأمنه وسلامته.

كما ان قول القمة أيضاً: ان التأخير في الانتخاب ينسحب سلباً على المؤسسات الدستورية وعلى المؤسسات العامة.

كما ان موضوع الانتخاب، نقطة محورية، لأن رئيس الجمهورية المسيحي والماروني، هو الضامن الأساسي لاستمرار العيش المشترك، وبالتالي لبقاء الدولة اللبنانية.

***

قبل ثلاثة عقود من الزمن ونصف عقد، كان وجود رئيس جمهورية قوي، محور خلاف سياسي.

وهذا الخلاف تزامن مع انتخاب معظم الرؤساء السابقين.

وتفاقم أحياناً خلافاً وتصوراً، في أثناء معارك شرسة للرؤساء سليمان فرنجيه والياس سركيس وبشير الجميّل.

إلاّ أن تلك المعارك تزامنت أيضاً مع صراعات، لعبت المقاومة الفلسطينية، كما لعب النفوذ السوري، أدواراً عنيفة في ارتفاعها واخمادها في آن.

كما ان المعارك التي رافقت انتخاب كل من الرؤساء امين الجميل ورئاسة الرئيس ميشال عون للحكومة الدستورية، مثلّت حلقات أساسية في الانقسامات السياسية اللبنانية، على مدى حقبات.

ولا أحد ينسى كيفية وصول الرئيسين الياس الهراوي واميل لحود الى الرئاسة، والاتفاق على الرئيس ميشال سليمان في الدوحة.

وبين كل انتخابات ثمة فراغات، الا ان الفراغ الاكبر، والأكثر خطورة هو استمرار الشغور مدة عشرة أشهر وهو مقبل على ازدياد.

***

الانتخابات الرئاسية الان، موضوع دقيق وخطير في آن.

ولا يغدو صراع سياسي، على أبواب الفراغ المتزايد، من دون خوف على المصير والكيان.

ويعتقد رواد الخوف على المصير الرئاسي، أن الامعان في القلق يمكن أن يستقر على استقرار، أو على تفاهم وتعاون، من أجل تجاوز الأخطار على المصير، والمحدقة بالتجربة اللبنانية، في وقت تشكل فيه ظاهرة الارهاب التي تجتاح لبنان والمنطقة، باباً يمكن الولوج منه الى سقوط الاعتدال وتسعير الخطاب الديني، وما يستتبعه من تأثيرات على أوضاع المسيحيين المشرقيين، ولا سيما في العراق وسوريا ولبنان.

وهذا ما درسته القمة الروحية، التي تحولت الى قمة لبنانية لا قمة طائفية أو قمة لزعماء الطوائف وحدهم.