موريتانيا أنقذت القمة العربية السابعة والعشرين من البقاء في الجو، بعدما ضاع موعدها السنوي العادي في آذار. ولا شيء يرمز الى حال النظام العربي أكثر من عقد القمة في خيمة. فلم يكن أمراً عادياً أن يعتذر المغرب في وقت متأخر عن عدم استضافة القمة، وهو الذي استضاف أكبر عدد من القمم العربية. ولا كان ما جرى لما سمي الربيع العربي خارج الأسباب التي دفعت الرباط الى الاعتذار، وما يدور تحت شعار الشتاء الاسلامي خارج الأسباب التي دعت نواكشوط المتمسكة بالعروبة الى قبول التحدي وعقد القمة في الصيف.
لكن قمة الخيمة ليست كاملة، بحيث غاب عنها العدد الأكبر من الملوك والرؤساء لأسباب تتعلق بأوضاعهم وحساباتهم، لا بأحوال البلد المضيف، بلد المليون شاعر. ولا مؤسسة القمة لها دور في الأحداث التي تعصف بالأمة، سواء بالنسبة الى حروب سوريا والعراق واليمن وليبيا أو بالنسبة الى محاولات التسوية. ففي الحروب أدوار لبعض الدول العربية الى جانب الأدوار الاقليمية والدولية المؤثرة: من أدوار ايران وتركيا واسرائيل الى أدوار روسيا وأميركا وبعض الدول الأوروبية. وكل محاولات التسوية تدار عبر موفدين دوليين كممثلين للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون: ستيفان دي ميستورا في سوريا، اسماعيل ولد شيخ أحمد في اليمن، ومارتن كوبلر في اليمن. وليس للجامعة العربية أي ممثل ولا دور، إلاّ اذا كانت التمنيات والتوصيات على الورق البديل من التمثيل والأدوار على الأرض.
ذلك ان القمم العربية تهرب، إلاّ في النادر، من مناقشة القضايا الأساسية العربية الى إعلان باسم العاصمة التي تشهد القمة تتكرر فيه مطالب كل دولة والتضامن معها. ولا قيمة، عملياً، لكل الاعلانات التي صدرت على مدى عقود ولا تأثير لها، إلاّ اذا كان هناك تحفظ من دولة أو أخرى عن مطلب لدولة أو مجموعة دول، بحيث تنشب أزمة يدفع ثمنها الطرف الضعيف. أو المستضعف. والدليل هو ما يعانيه لبنان اليوم. صحيح ان ما قيل في قمة نواكشوط أوحى ان هموم الأمة حاضرة في القمة، ومعها اقتراحات مهمة لحلول في الحاضر والمستقبل. لكن الصحيح أيضاً ان الشكاوى ليست استراتيجية، وان الكلام الجميل الفخم يبقى على مسافة بعيدة من التحقق، بحيث تبدو القمة كأنها منبر للخطابة والتغريدات في عالم افتراضي، وان تحدث القادة عن أزمات في العالم الواقعي.
والمفارقة ان القمة التي تعطي الأولوية ل هزم الارهاب تراهن على المجتمع الدولي للقيام بالمهمة، وبالذات على الدول التي تتهمها بصنع داعش والنصرة.