Site icon IMLebanon

قمة العودة الى الجذور

في الطريق الى القمة العربية ٥

قمة العودة الى الجذور

القمة العربية المقبلة في الأردن ستعالج ذيول الأزمة لا جذورها، في حين يحتاج العرب الى قمة تمثل العودة الى الجذور ولكن… هل هذا ممكن؟ والجواب: نعم ممكن… كيف؟

كل شيء يبدأ من الرياض وطهران وينتهي في الرياض وطهران. من هنا بدأت محنة المنطقة والأمة، ومن هنا تنتهي. واستمرار الخلاف الصدامي بين العاصمتين سيقود الى استمرار الحروب الباردة والساخنة، المعلنة والخفيّة. ولا استقرار ولا ازدهار ولا سلام عربيا واسلاميا دون وضع نهاية لهذا الخلاف المدمّر الذي يحدث الانقسام والتنابذ بين العرب أنفسهم، وانزلاقهم الى الاقتتال ضد بعضهم بعضا! واذا توصل العرب الى وضع أهداف ثابتة لاستراتيجية عربية قومية دائمة. فسيكون في وسعهم ان يواجهوا كل التحديات الخارجية سواء أكانت معادية أم منافسة، وان ينتصروا فيها وهم موحدون… ولكن ما هي معالم هذه الاستراتيجية القومية للعرب؟

من حسن الحظ أن العرب لا يحتاجون في هذه الحالة الى مراكز الأبحاث والدراسات لتمضي سنوات في الدرس والتمحيص حتى تصل بعد زمن طويل الى وضع استراتيجية عربية عامة نظرية، قد تصيب أو تخيب عند وضعها موضع التنفيذ. ومن محاسن الصدف انه صدر في هذه الآونة كتاب يحتوي على تجربة معاصرة وعصرية ناجحة، فكّر بها وأطلقها قادة من هذه الأمة، بل من قلب المنطقة الخليجية بالذات. ومؤلف هذا الكتاب هو الشيخ محمد بن راشد، ويحمل عنوان تأملات في السعادة والايجابية. وبعد الاطلاع على ملخص لفصول هذا الكتاب تبين أنه لا يحمل رؤية فلسفية اجتماعية وسياسية واقتصادية معاصرة وحسب، وانما أيضا هو تأريخ لتجربة عملية شجاعة وطموحة أعطت ثمارها وأكدت نجاحها على الأرض، وهي لا تحتاج الى أي إثبات…

ما نجح في الامارات يمكن أن ينجح على مستوى الأمة اذا توافرت الارادة ونمط التفكير نفسه لدى القادة العرب. ويقول الشيخ محمد بن راشد ان فطرة البداوة الصافية والذكية بل وتتميز بالدهاء قادت اثنين من الآباء المؤسسين للامارات هما الشيخ زايد والشيخ راشد الى وضع سياسة وحّد تسد، في ردّ غير مباشر على السياسة الانكليزية فرّق تسد. والجيل الثاني من حكام الامارات أضاف الى ذلك تحديات حضارية ونجح فيها على المستوى العالمي. ولعل الشيخ محمد بن راشد يكمل جميله، ويوصل كتابه الى القادة العرب، مرفقا بثمن هو دراسته والتشاور لوضع استراتيجية قومية بأهداف ثابتة واضافة ما يلزم، للخروج من المحنة قبل الخروج من التاريخ!

هنا مقتطفات من أقوال موحية علقت في الذهن بعد قراءة ملخص سريع وغير وافٍ لفصول الكتاب. من أقوال الشيخ محمد بن راشد في هذا الكتاب الذي يمكن تصنيفه من كنوز الثروة الفكرية العربية المعاصرة:

يحتاج كل قائد الى مساحة يومية من التفكر والخلوة مع النفس، لأنهما يوضحان الحقائق كما هي من غير بهرجة أو هالات زائفة.

الانسان أمام التحديات لديه خياران: اما ان يقف ويتراجع أو أن يبدع ويتجاوز.

البعض ينتظر أن يتوحد العرب، والبعض ينتظر أن تنتهي الحروب، وأسوأ ما نفعله في الحالتين هو الانتظار!

هناك قادة أخذوا شعوبهم الى الفضاء، وهناك قادة أرجعوا شعوبهم خمسين سنة الى الوراء!

الحروب يمكن أن تدمّر البنيان ولكن الأخطر منها الحروب التي تدمّر الانسان!

عندما نركز على ما يجمعنا وليس على ما يفرّقنا تكون السياسة ايجابية.

السعي لاسعاد الناس هو سعادة في حق ذاته… انتهى.