IMLebanon

قمة «عاصفة الحزم»… أنا عربي

لبّيتُ شاكراً دعوة كريمة من دولة الرئيس تمام بك سلام لمرافقته الى شرم الشيخ من أجل حضور القمة العربية.. وأسجّل هنا بعض انطباعاتي:

أبدأ بالقول إنّني، ومنذ زمن بعيد، لم أحضر قمّة مثل هذه القمة، بصراحة في بعض مؤتمرات القمم السابقة شعرت بأنّه يجب أن تتوقف القمم لأنّها مضيعة للوقت… لولا أنّ لها فضيلة واحدة وهي أنّها تجمع العالم العربي ولو لمرّة واحدة في السنة أي أنّها تحافظ على خيط رفيع يربط العلاقات بين الدول العربية. أعود الى قمة شرم الشيخ التي أشعرتني بأنّ العرب لا يزالون موجودين، كذلك هناك شعور بالفخر والإعتزاز بأنّ هذه الأمة قد استفاقت بعدما كانت نائمة لسنين طويلة، ولا أظن أنّ هذا شعوري وحدي بل هو شعور عدد كبير من المسؤولين والزعماء والرؤساء الذين إلتقيتهم، وكذلك بالنسبة الى عدد كبير من الزملاء الصحافيين.

هذه القمة أعطت لكل رئيس دولة ما يريد… وأبدأ بنجم هذا المؤتمر ألا وهو خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز الذي كان لكلمته القوية والواضحة صدى مدوٍ، فقد وضع اصبعه على الجرح العربي، والأهم في كلمته التاريخية كان لا شك تحذيره إيران ودعوته إياها للكف عن تهديد الدول العربية والتدخل في شؤونها الداخلية. في قضية اليمن أكد أنّ التدخّل الخارجي (طبعاً الإيراني) مكّن الميليشيات من الإنقلاب على السلطة الشرعية مع أنّ هذه الميليشيات تمثل فئة محدودة.

وعن سوريا حسم بأنّ الحل لن يكون بمشاركة من تلطخت أيديهم بدماء الشعب السوري.

وفي المطلق دعا خادم الحرمين الى العمل العربي المشترك داعياً الى إزالة العوائق لتنفيذ منطقة التجارة الحرة العربية والاتحاد الجمركي العربي، وأبرز ما قاله دعوته الى إعادة هيكلة الجامعة العربية وتطويرها.

شخصياً، أعرف جلالة الملك سلمان، وكنت دائماً متأكداً من أنه صاحب أدوار مهمة عندما يكون القرار له في أي مسألة أو أمر أو قضية، وقد قال لي زعيم ومسؤول كبير بأنه، ومن خلال معرفته الوثيقة بخادم الحرمين الشريفين، أن هذا الملك هو أحد أهم الملوك والحكام الذين عرفتهم المملكة والمنطقة العربية عموماً، وأن ولاية ملكه، أمد الله في عمره، ستحفل بالإنجازات الكبيرة والقرارات التاريخية. وبالفعل فإن قرار قمع التمرد الحوثي وإنهاء الانقلاب في اليمن ليس إلا باكورة هذه القرارات والمواقف التاريخية.

النجم الثاني كان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الذي بدت لديه رغبة قوية في إنشاء «القوة العربية المشتركة» وهنا لا بد من كلمة: إنّ أي شكل من أشكال الوحدة في العالم العربي يخيف الاميركيين الذين يخشون الوحدة العربية فكيف بوحدة الجيوش العربية؟! أتمنّى من كل قلبي أن تتحقق هذه الفكرة.

النجم الثالث كان أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح هذا الرجل الذي أعرفه منذ العام 1968 وتربطني بسموّه علاقة طيّبة واحترام متبادل، والذي يعرف سموّه يعرف كم أنّ لهذا الزعيم من مزايا أهمها الذكاء الحاد والديبلوماسية التي يتفوّق بها على نفسه.

ومما قاله: إنّ المشهد السياسي العربي يزداد سوءاً وتعقيداً، وعملنا العربي كان يمر بأصعب أوقاته وأسوأ مراحله وتضاءلت أمامنا الفرص، ودعا الى التنسيق والتعاون مع أشقائنا في محاولة منا لبلورة نهج يعالج قضايانا وفق منظور جديد ورؤى تتجاوز عقبات الماضي.

النجم الرابع كان دولة الرئيس تمام بك سلام وأنا واثق أنّه لم يتعمّد أن تكون كلمته رداً على كلام السيّد حسن نصرالله الذي لم يكن موفقاً هذه المرة ولكن أظن أنّها مصادفة، كما لا أريد هنا أن أربط الرد السريع والفوري من دولة الرئيس سعد الحريري على السيّد هذا الرد كان عنيفاً ولكنه منطقي جداً وقوي، وأكد على ثوابت الرئيس الحريري الوطنية ومدى حرصه على مصلحة لبنان ومصلحة الشعب اللبناني التي هي أولوية في حياته وفي ممارسته السياسية.

كلمة دولة الرئيس تمام كانت رداً من كل لبنان… نعم كلمته عبّرت عن رأي كل اللبنانيين الذين يغارون على مصلحة لبنان. أكتفي بهذا فهذه العجالة لا تتسع للمزيد، فقط أود أن أختم مذكراً بأنني دأبت منذ سنوات على كشف أبعاد المشروع الفارسي، مشروع ولاية الفقيه… هذا المشروع الذي كنت وما زلت أرى أنّه خرّب سوريا والعراق ويسعى الى تخريب البحرين ويعمل على تخريب لبنان… وهنا أثمّن كلمة الملك سلمان بن عبدالعزيز الذي ركّز على التدخل الإيراني في الشؤون العربية وكأنّه كان يقول «طفح الكيل»، خصوصاً وأنّ الإيراني لم يترك للصلح مكاناً.