كأنّ مزارعي القمح لا يكفيهم ما يعانونه من ارتفاع الكلفة وتأخر وزارة الاقتصاد في دفع مستحقات ثمن القمح لهم عن الموسم السابق، فيما هم اليوم على ابواب موسم ينذرهم بخسارة كبيرة ما لم توازِ الحكومة سعر القمح مع سعر صرف الدولار في السوق السوداء.
يداهم حقول القمح في لبنان “جراد” مقنّع، يعرف بحشرة “القرحف” المسجلة علمياً باسم “السونة”، ليهدد نحو 90 الف دونم مزروعة قمحاً في البقاع والشمال والجنوب و70% من هذه المساحة في البقاع.
وتنتشر هذه الحشرة بكثافة خلافاً للأعوام السابقة، حيث وصل عددها الى 13 في المتر المربع الواحد، فيما كانت العام السابق 3 في المتر الواحد، ورغم ذلك كانت تهدد الموسم ما لم تكافح برش الحقول بالمبيدات المخصصة لها عبر طائرات مجهزة لهذه الغاية. وتعود أسباب انتشارها الى خلل بيئي تحدثه فوضى الصيادين في سهل البقاع بطريقة عشوائية.
وهذا ما يهدد موسم القمح والأمن الغذائي في ظل توقف عمليات الاستيراد والتصدير بسبب تداعيات كورونا.
خوف المزارعين من هذه الحشرة أنها تتكاثر بسرعة هائلة ما لم تسارع وزارة الزراعة لرش الحقول.
حيث تعتبر هذه الحشرة موسمية مهاجرة تأتي في فصل الربيع مع بداية تكوّن القمح.
وفي هذا الصدد يفند أمين سر نقابة القمح عبد الحليم المجذوب لـ”نداء الوطن” مخاطر هذه الحشرة وتهديدها بتلف موسم القمح برمته ما لم تبادر وزارة الزراعة الى رش الحقول بسرعة مرتين، “المفترض رشّه حالياً، وبعد اسبوعين مرة ثانية لمكافحة اليرقات”. وشرح المجذوب “أن هذه الحشرة غذاؤها الرئيسي من حبة القمح، لذا هي تقيم على السنابل مع بدء تكوّن حبة القمح وتقوم بعملية امتصاص السوائل منها حتى تتلفها”، أما عن أسباب تكاثرها لهذا العام خلافا عن الأعوام السابقة، فأوضح: “في الأعوام السابقة كانت نسبتها عندما اكتشفناها لا تصل الى 3 حشرات في المتر المربع اليوم وجدناها 13 في المتر المربع وهذا يشكل سابقة خطيرة لأن طبيعتها تتكاثر بشكل كثيف، وهذا يضرب الأمن الغذائي الوطني في وقت حرج جداً”. ويتابع: “التكاثر سببه ارتفاع عدد الصيادين في السهل، ولأن أهم مكافح لهذه الحشرة هو طير الفري الا أن الصيادين الذين ينتشرون بطرق غير قانونية ويختلقون أساليب جداً وقحة، تحدث خللاً بيئياً عندما يصطادون من الطبيعة أعداد كبيرة منها”.
يتابع منتقداً عمليات صيد الطيور بطرق وصفها بـ”الوقحة”: “يجمّون الطيور عبر الأصوات الاصطناعية ومن ثم قتلها خلافاً للقوانين الدولية والمحلية، وعلى عين وزارة البيئة والداخلية رغم شكاوى المزارعين المتعددة”.
وناشد وزارة الزراعة الاسراع بعملية رش المبيدات والادوية لمكافحة هذه الحشرة، كما ناشد وزير الاقتصاد لأن يفرج عن مستحقات مزارعي القمح، متمنياً باسم المزارعين الاستمرار بدعم هذا القطاع لانه مهدد بالزوال في حال استمرت الخسائر المتلاحقة على المزارعين، ورفع سعر كيلو القمح لأن جميع الاكلاف ارتفعت مع ارتفاع سعر الدولار في السوق السوداء.
وأكد مصدر في وزارة الزراعة لـ “نداء الوطن” أن فريقاً منها عاين الحقول وأكد وجود هذه الحشرة، ورجح المصدر أن تبادر الوزارة بالتعاون مع الجيش الى رش الحقول بالادوية المخصصة لحشرة السونة لأنها فعلاً خطيرة على كامل موسم القمح كونها تأكل حبة القمح لذا يضمحل الانتاج ويقع المزارعون في خسائر فادحة، وقال إن وزارة الزراعة دائماً كانت تقوم برش الادوية اللازمة لمكافحة حشرة السونة، ومكافحة مرض “الرهوب” الذي يضرب حقول القمح”.