Site icon IMLebanon

بالنسبة للسُنّة شو؟

 

احتمال أن ينهار اقتصاد البلد وأن يسود العوز والفقر والجوع والمرض أرجاء لبنان هو احتمال كبير وخطير، وفي غياب دور الدولة وضعف وشلل مؤسساتها، تتحرك القيادات الطائفية باتجاه التخطيط والعمل لتخفيف هذه المخاطر عن اتباعها.

 

على الصعيد الشيعي

 

في كلمة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في الاحتفال التأبيني للسيد جعفر مرتضى العاملي في 1 تشرين الثاني 2019، ذكر انه يُمكن أن يأتي وقت لا تستطيع الدولة اللبنانية أن تدفع فيه الرواتب وينهار الجيش والقوى الأمنية وإدارات الدولة ويخرب البلد، لكنه أكّد أن المقاومة ستظل قادرة على أن تدفع الرواتب، وأنها ليست في هذا الوضع على الإطلاق.

 

وانتشر تسجيل صوتي مُفصّل لبلال وهبي أحد مسؤولي الحزب الكبار يخبرنا عن السنوات العجاف التي تنتظر اللبنانيين ويحثهم على الزراعة. وكذلك طلب بعض نواب الحزب ومنهم محمد رعد وعلي فياض من أهل الجنوب الأمر نفسه.

 

ووجهت بعض المواقع الالكترونية نداءً إلى المواطنين لاستثمار الأراضي المُهملة، والطلب من اصحابها تقديمها إلى البلديات في كل من الجنوب والبقاع من أجل زراعتها. وبدأ التجاوب مع تلك الدعوات، وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي نشر العديد من الإرشادات حول كيفية زراعة بعض أنواع الحبوب والخضار ومواعيد زراعتها وحصادها.

 

وقامت البلديات في بعضِ الاماكن بأعمال الزراعة، وفي أماكن أخرى انحصر دورها بتأمين البذور للمزارعين وإتاحة الفرصة أمام استخدام المعدّات من دون مقابلٍ ليُصار بعدها إلى حصادِ المحاصيلِ وتخزينها، والتصرّف بها من جانبِ البلديات وفق مقتضيات الحاجات الغذائية. علاوة على ذك قامت بعض البلديات بشراء كميات كبيرة من الحبوب والطحين والمواد الغذائية من منطقة البقاع (عبر التهريب من سوريا) وتخزينها بالأطنان في مستودعات ومخازن تحت إشراف هذه البلديات.

 

كذلك نشطت «حركة أمل» في البقاع عبر تقديم المساعدات اللازمة لتشجيع زراعة اقصى ما يُمكن من مساحات الأراضي، والسعي لجني محاصيل وفيرة ومتنوعة.

 

على الصعيد الماروني

 

تداول اللبنانيون في 13 كانون الأول 2019 تسجيلاً صوتياً لأحد الكهنة متحدثاً مع رعيته في منطقة صيدا، ونقل فيه كلاماً سمعه مباشرة من المطارنة اثناء لقاء في بكركي. وحسب التسجيل، فإن البطريرك مار بشارة الراعي قال للمطارنة كلاماً سمعه من سفراء دول كبرى وخصوصاً السفير الفرنسي أن الأزمة في لبنان طويلة وأن لبنان مقبل على مجاعة، واصفا الوضع بأنه صعب. ولفت الى أن الكنيسة تعمل على 3 محاور: تأمين مواد غذائية بحماية الأمم المتحدة، المواد الطبية وتوزيعها على المستشفيات وحماية السنة الدراسية في المدارس في السنوات الثلاث العجاف.

 

وعليه، دعا الكاهن في تسجيله الصوتي إلى زراعة الأراضي والاستعداد لما يشبه المجاعة، مضيفاً أن هناك مساعدات كثيرة ستصل من الخارج للإنقاذ.

 

فيما بعد صدر عن مطرانية صيدا المارونية بيان أعلن ان الكاهن المذكور لا علاقة لبكركي ولا لسيدها به، لا من قريب ولا من بعيد، وان المواقف التي أطلقها تنبع من حماسته وغيرته الراعوية لتنبيه أبناء رعيته من أجل التضامن كجماعة كنسية في مواجهة أي أزمات قد تستجد على الصعيد الاجتماعي.

 

جدير بالذكر أن البطريرك الراعي أعلن في 22 آذار 2018 بعد لقائه رئيس الجمهورية أن «الرئيس عون أكد لي أنّ لبنان مُفلس»، وتبع ذلك تعميم بكركي بعض الارشادات والتوجيهات على أبرشياتها تتعلق بالتكافل الاجتماعي في ظل الأزمة المتفاقمة.

 

كذلك ترددت معلومات أن حزب «القوات اللبنانية» قام بإنشاء مخازن كبرى يتم تجميع المواد الغذائية فيها، لمدّ سكان منطقته ومناصريه بها عند استفحال الازمة الاقتصادية والمعيشية.

 

أما النائب ميشال معوض فقد قال لمناصريه: عليكم أن تأخذوا الإجراءات وأن تغيّروا نمط حياتكم، والأزمة ستكون صعبة جداً جداً جداً، ويمكن أن تشبه الأوضاع التي سادت ما بعد الحرب العالمية الأولى، ويقصد بذلك المجاعة والأمراض التي أودت بحياة مئات الألوف من اللبنانيين.

 

على الصعيد الدرزي

 

بتاريخ 23 كانون الأول 2019 نُشر تسجيل صوتي لرئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، في اتصال عبر «سكايب» مع مغتربين في الولايات المتحدة الأميركيّة، قال فيه انّ الجبل ولبنان على مشارف الجوع، وكشف ان الحزب التقدمي سيقوم بخطوات أولية من خلال دعم الأسر المحتاجة للمازوت وتوزيع الحصص الغذائية وتشجيع زراعة القمح والحبوب للحصول على اكتفاء ذاتي، وتأمين مخزون أدوية، ومحاولة دعم المستشفيات، طالبا الدعم من المغتربين للمستشفيات ودعم اللجنة الاجتماعية لبيت الطالب الدرزي، مفضلا أن يكون الدعم مركزي وموحد لأن الأزمة طويلة وطويلة جداً، مشيراً الى أن الأهم هو صمود الجبل.

 

كذلك أوضح جنبلاط في حديثه بأن خلق مؤسسات قروض صغيرة بفوائد قليلة، لمتوسطي وقليلي الدخل، يُساهم في تخفيف حدّة الاستهلاك ويُساعد في زيادة الإنتاج.

 

كذلك تحرك الوزير جنبلاط لشراء وتخزين كميات كبيرة من الحبوب والمواد الغذائية، وقيل انه اشترى باخرة قمح، كما بدأ الحزب عملية إجراء مسحٍ سكاني واجتماعي.

 

ختاماً .. هذا غيض من فيض، ويبقى السؤال الكبير: بالنسبة للسُنّة شو؟!!

 

* كاتب وباحث.