ما يجري اليوم، يذكرني بما جرى أيام المغفور له الرئيس سليمان فرنجية، ففي بداية ولايته عام ١٩٧٠ إثر انتخابه رئيساً بـ٥٠ صوتاً بينما نال المرحوم الرئيس إلياس سركيس ٤٩ صوتاً، وهذا يدل على عظمة الديموقراطية.
ولكن ما إن وصل الرئيس المرحوم سليمان فرنجية إلاّ وقرر الإنتقام من ضباط المكتب الثاني الذين حكموا لبنان منذ عام ١٩٥٨ إثر أحداث الحرب الأهلية وتسلم المرحوم قائد الجيش فؤاد شهاب ٦ سنوات، بعدها تم انتخاب المرحوم شارل الحلو لمدة ٦ سنوات منذ ١٩٦٤ الى ١٩٧٠.
أول ما بدأ به الرئيس فرنجية وبناءً لرغبة حليفيه المرحومين الرئيسين ريمون إده وصائب سلام هو الإنتقام من ضباط المكتب الثاني، وهكذا اضطر ٥ ضباط كبار هم الذين حكموا لبنان ١٢ سنة، وكان عهدهم أفضل عهد بتاريخ لبنان، وهم كابي لحود، سامي الخطيب، سامي الشيخة، جان ناصيف ونعيم فرح.
اللواء كابي لحود ذهب الى إسبانيا، بينما ذهب الضباط الأربعة الى سوريا وبقوا هناك ٣ أو ٤ سنوات بعدها حصل عفو من الرئيس فرنجية وعادوا جميعاً الى لبنان وكل الإتهامات والأموال التي اتهموا بها كانت كلام بكلام.
نذكر هذه الواقعة بما تمثله من تلاعب بقواعد العمل السياسي وإدارة الدولة، واليوم نلمس تلاعباً واضحاً بالميثاق الوطني، ما يجعلنا ننقل هذه الأوجاع وهذه المخاطر وهذه التحذيرات من ابناء الطائفة السنية إلى المسؤولين وعلى رأسهم رئيس الجمهورية:
فخامة الرئيس كلنا يعرف الطريقة التي تشكلت بها الحكومة وكيف تم إقصاء المكون السني الاكثر تمثيلا عنها وكيف تم تعيين الوزراء فيها ومن قبل من، والبعض منهم أتى به تيارك ورئيسه لاسيما في وزارة الاتصالات وحيث باشر بإقصاء أبناء الطائفة السنية فيها ثاني يوم نيل الحكومة للثقة من قبل مجلس النواب وتسليمها للمستشارين والموظفين العونيين، كما وأنه تمت المباشرة بالتضييق على موظفين محسوبين على تيار المستقبل في وزارة الداخلية ناهيك عن استبعاد المستشارين الأساسيين في السراي الحكومي واستبدالهم بمستشارين على صلات وثيقة بالتيار الوطني الحر، وهذا مع الإشارة إلى أنه حتى اللجان الاربع التي عينها رئيس الحكومة خلت من اي اسم سني باستثناء اسم رئيس الحكومة واسم الأمين العام لمجلس الوزراء وبحكم منصبه تم وضع اسمه.
والان يحصل أمر خطير جدا على صعيد التعيينات في مصرف لبنان حيث تضج أوساط الطائفة السنية بقيام رئيس التيار الوطني الحر بإجراء مقابلات مع اشخاص من الطائفة السنية لتعيينهم في مركزي نائب حاكم مصرف لبنان ورئيس لجنة الرقابة على المصارف ممن يدورون في فلك التيار الوطني الحر سياسيا واجتماعيا.
ان هذا الخطوة إن تمت فإنها تشكل مسماراً آخر لا ينفك صهرك عن القيام بغرزه في حياتنا الوطنية المشتركة وفي هذا الإطار نسأل كيف يمكنكم الموافقة على أعمال صهركم وهو الذي ينادي بإنصاف المسيحيين واستعادة حقوقهم ، وهل ان هذا الإنصاف لا يتم إلا عبر مد اليد والاستيلاء على حقوق الطائفة السنية في الدولة بعدما تم الاستيلاء على دورها في المعادلة السياسية عند تشكيل هذه الحكومة، وهل ان السيطرة على الإدارات العامة التي يشغلها أبناء الطائفة السنية وتسخيرهم لخدمة مشروع التيار الوطني الحر هو الذي يؤمن النجاح والاستقرار في البلد.
كما وأن السؤال يطرح لماذا لا تتجرأ انت وصهرك على مقاربة اي نقاش في اي اسم شيعي يطرحه الثنائي الشيعي لشغل اي مركز في الدولة سواء أكان وزيراً أم قاضياً أم مديراً أم ضابطاً وتكون أسماؤهم منزلة وعليكم البصم عليها بسبب خوفكم منه او بالأحرى من سلاحه.
فخامة الرئيس صحيح أن البلد مأزوم اقتصادياً واجتماعياً إلا أنه بإمكانكم تجنيبه التأزم السياسي والطائفي عبر وضع حد لطريقة مقاربتكم لدور الطائفة السنية في الحكم والادارة وإلا ستعطون أبناءها المبرر لتوسل السلاح لاحقا لتأمين احترام كيانهم ودورهم في المعادلة السياسية وهذا ما لا نرغب به ولا قوى الطائفة السنية السياسية.
عوني الكعكي