ما بدا لوليد المعلم من المعجزات التي يصعب تحقيقها، يبدو بالنسبة الى القوى الإقليمية المطالبة برحيل الأسد من المستحيلات التي لن تتحقق، لكن فلاديمير بوتين الذي يعرف كل هذا لم يكن ليستدعي المعلّم الى موسكو ليعرض عليه اقتراحه المفاجئ تشكيل تحالف بين النظام السوري وتركيا والسعودية والأردن لمحاربة “داعش”، في حين ترى هذه الدول ان النظام و”داعش” وجهان لعملة الإرهاب الواحدة!
وليد المعلم الذي علّق على الاقتراح بالقول “أعرف ان بوتين رجل يصنع المعجزات، لكن التحالف الذي يقترحه يحتاج الى معجزة كبيرة”، أدرك ضمناً انها ليست مبادرة روسية بمقدار ما هي مناورة هدفها إيجاد ثغرة تساعد على الحل السياسي عبر إحياء مؤتمر جنيف.
ذلك انه من غير الممكن الحديث عن أي تعاون إقليمي مع بشار الأسد، الذي جعل سوريا مقبرة كبرى استجلبت “داعش”، ما لم يكن الثمن الذي سيدفع سلفاً صفقة إقليمية دولية واضحة تفضي الى إنهاء حكم الأسد ولو بالعودة الى صيغة أوضح لبيان “جنيف – ١” الذي عقد في ٣٠ حزيران من عام ٢٠١٢، ولم يحدد دور الأسد في عملية الإنتقال السياسي!
يعرف بوتين جيداً ان السعودية وتركيا والأردن تقاتل الإرهاب في إطار التحالف الدولي الذي شُكّل في العام الماضي، ولكن على رغم انه لم ينجح في محاربة “داعش” الذي يتوسّع الى درجة جعلت جون ماكين يقول نحن نخسر الحرب ضد “داعش”، فسيكون الحواب جاهزاً: ما حاجتنا الى تحالف جديد في وجود التحالف القائم، ثم انه من المستحيل قبول أي دور للأسد الذي صنع “داعش” ودمّر سوريا؟
لكن بوتين لا يطرح مبادرة لترى النور بل لترفضها الدول الإقليمية فوراً، في حين سيقبلها الأسد حتماً لأنه غارق ويريد خشبة خلاص، ثم ان بوتين الذي يضمن مصالحه في دولة الساحل، التي تُرسم حدودها الآن بالنار من القلمون الى الزبداني الى دمشق فطرطوس، لا يضيره ان يظهر كأنه سعى الى إقامة تحالف الأعداء الألداء لمقاتلة “داعش” وانه ليس ضالعاً كما يبدو في مخطط التقسيم الى أذنيه مثل باراك أوباما!
إقتراح بوتين يمكن ان يكسب أهمية كبيرة اذا تمكن من إلقاء الأسد خارج هذه الصيغة، وترتيب تحالف القوى السنّية التي تستطيع وحدها ان تهزم “داعش” بسلاحين: السلاح العسكري والتحالف قادر على ذلك مع المعارضة السورية، و”سلاح المرجعية” وهو الأهم لتحرير السنّية التي يحاول “داعش” اختطافها وإقامة خلافته على تشويه صورتها.
وعندما تتمسك أميركا بدعم ايران في قتال “داعش” وتحرير المناطق السنّية التي يحتلها، فإنها تقوّي هذا التنظيم بـ”تدعيش” مزيد من السنّة، ولهذا يكتسب اقتراح بوتين أهمية بالغة اذا استبعد الأسد من التحالف المقترح!