Site icon IMLebanon

ماذا بعد ربط النزاع مع “حزب الله”؟

 

كان تيار «المستقبل» بزعامة الرئيس سعد الحريري يُعدّ إلى جانب «القوات اللبنانية» والحزب «التقدمي الإشتراكي» من القوى السياسية التي تواجه «حزب الله»، ولكن هذه القوى كانت ترفع أو تخفض منسوب المواجهة مع «الحزب» وفق توجهاتها وتوجساتها السياسية والأمنية، والسؤال المطروح اليوم كيف سيتعاطى مؤيدو الرئيس الحريري بعد موقفه من الانتخابات مع مسألة «حزب الله»؟ وهل يمكن القول إن تيار «المستقبل» خرج نهائياً من هذه المواجهة بمختلف أشكالها ومستوياتها؟

 

في السنوات الماضية لم يخض تيار «المستقبل» مواجهة كسر عضم مع «حزب الله» وجاء ذلك تحت عنوان تدارك الفتنة السنية الشيعية، وابتدع التيار ما عرف بربط نزاع مع «الحزب» تخلله حوار مطول بين الجانبين برعاية الرئيس نبيه بري، ولكنه لم يؤدِّ إلى أي نتيجة تذكر سوى أن الطرفين إنخرطا سوية في الحكومات التي ترأسها الحريري وتعاونا مراراً في مجلس النواب، ولم تنقطع الاتصالات بينهما حتى في عز إدانة المحكمة الدولية الخاصة بلبنان المسؤول في «حزب الله» سليم عياش، بأنه مشارك رئيسي في عملية اغتيال الرئيس رفيق الحريري.

 

هذا الواقع من عدم العداء بين الجانبين كان واحداً من العوامل التي جعلت المملكة العربية السعودية تنهي علاقتها بالرئيس الحريري كما يردد البعض، إذ إن هؤلاء يقولون إن المسؤولين السعوديين مستاؤون مما يصفونه بالمواقف الرمادية التي طبعت تعاطي الرئيس الحريري مع «حزب الله»، في وقت كانت المملكة تحتاج لمواقف واضحة وحادة في المواجهة المفتوحة مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية وذراعها الأقوى من اليمن إلى لبنان وهو «حزب الله».

 

في المقابل لم يكن «حزب الله» مزعوجاً ابداً من مواقف الرئيس الحريري وتيار «المستقبل» التي كانت تطلق ضده أحياناً، حتى أن «الحزب» كان يعتبر الحريري ضمانة لعدم اندلاع فتنة سنية شيعية، وهو حاول أكثر من مرة مساعدته في حلحلة العقد التي كانت تواجهه في تشكيل الحكومات حتى ولو فشل في المرة الأخيرة، وبالتالي فإن «الحزب» لن يكون مرتاحاً لاستبعاد الحريري لنفسه عن الساحة السياسية رغم أن «الحزب» يمنّي النفس مع حلفائه بأن يرثوا حصة من النواب السنة وغير السنة، ولا سيما في دائرة بيروت الثانية.

 

خروج الحريري من الساحة السياسية قد يشرذم الساحة السنية وربما يفتحها على مزيد من التطرف السياسي والديني الذي لا يصبّ في مصلحة «حزب الله»، وبالتالي يبقى عنوان المرحلة المقبلة كيفية إيجاد البديل المعتدل القوي، وإن لم يكن متوفراً كيفية وضع اليد على القرار السني أو شرذمته، وصولاً إلى المواجهة مع أي تطرف إذا اقتضى الأمر.