يجزم أحد النواب السنة الحاضرين خلال اللقاء في دارة السفير السعودي وليد البخاري في اليرزة بأن صفحة ثنائية سليمان فرنجية وجهاد أزعور طُويت، ويوافقه في ذلك غالب الحاضرين للجلسة مع مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان والمبعوث الفرنسي جان إيف لودريان.
النائب وهو من الصقور المعارضين لوصول فرنجية وأحد أكثر المتصلبين في الموضوع الرئاسي إذا لم يكن أكثرهم على الإطلاق، يشدد على أنه لا يطلق موقفاً شخصياً بل يترجم بوضوع وفي شكل شبه رسمي ما نتج عن الجلسات الرئاسية تلك.
في المقابل ثمة وجهة نظر أخرى خرج بها من يؤيد وصول فرنجية يلفت الى أن الخيار الثالث لا يعني إسما جديدا بل الاتفاق على أحد إسمي فرنجية أو أزعور.
يمثل هذا الرأي وجهة نظر خاصة، ذلك أن الرأي الأكثر رواجاً سار نحو الحديث عن خيار ثالث تسووي استناداً الى كلام لودريان حول رئيس يجمع. لا فرق هنا بين الصقور كأشرف ريفي ومعتدليهم كنبيل بدر وتغييرييهم كوضاح الصادق وغيرهم سواء من الذين حضروا الجلسة أم من المعتذرين عن حضورها.
فما تحقق فيها رسم تاريخاً جديداً من التنافس الرئاسي لكي يصبح ما بعد اللقاء غير ما قبله.
فبعد المجاملات أول اللقاء والمباركة لدريان بالتجديد على رأس دار الفتوى، خرج لودريان بكلام واضح بأنه نتيجة الاتصالات التي قام بها على المستوى المحلي والدولي ليخلص الى لا إمكانية انتخاب مرشح طرف.
لا يمكن للوسيط الفرنسي أن يكون أكثر وضوحاً وهو بطبيعة الحال لم يلجأ إلى التسمية تماماً كالبخاري، ولن يفعل غض الطرف عن غايته من هذا الكلام سوى في تأخير الاستحقاق وهو ما بات مؤذياً لا سيما بعد الموقف الذي عبرت عنه اللجنة الخماسية الدولية العربية.
الأهم هنا يتمثل في كيفية إخراج هذا الأمر وترجمته. المعارضة في وجهها الأعم ترفض الحوار الذي دعا إليه الرئيس نبيه بري، وترفض حتى أن ينوب عنه نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب المتماهي مع بري.
حوار بمن حضر!
ثمة من يشير إلى أن الحوار سيحصل بمن حضر، وهو ما يعترف به بعض صقور المعارضة، لكن الحوار في كل الأحوال سيكون مفيداً وسيشكل فرصة لفتح الأبواب أمام جلسة نيابية ذات دورات متتالية (وليس جلسات نيابية متتالية يمكن تعطيل النصاب فيها).
وبما أن بري بات موضع اعتراض من قبل المعارضين وحتى من قبل “التيار الوطني الحر”، يتردد حديث عن مسعى لنواب سنة لملء الفراغ القائم والشروع بمشاورات رئاسية تُفضي إلى جلسة الإنتخاب.
الحديث هذا يتناول الحاجة إلى دينامية محلية قادرة على التواصل مع الجميع كونها مقبولة من مختلف الأطراف لإنتاج سلّة من الأسماء قد لا تتعدى الثلاثة أو الأربعة وهو ما يتردد أن الخماسية ولودريان شخصياً (سرى حديث عن عودته خلال فترة مقبلة) ينتظرونه للشروع عملياً في انتخاب الرئيس.
لكن هذا المسعى لن يكون جاهزاً قبل الحصول على إخراج قطري علماً أن الدوحة تشكل نقطة التقاطع بين الخماسية وإيران، إلى جانب المباحثات المتسارعة بين ايران والولايات المتحدة الاميركية في سلطنة عمان التي لم يغب الشأن اللبناني عنها حسب حاضرين في لقاء اليرزة.
على أن سلة الأسماء تلك، حسب الرأي الغالب في الاجتماع الأخير، لن تتضمن إسمي فرنجية وأزعور بل أسماء توافقية يطلق البعض عليها مصطلح الوسطية، يتصدرها قائد الجيش جوزيف عون مثلما تتضمن المدير العام للأمن العام بالوكالة اللواء الياس البيسري والدكتور زياد بارود وفيها أيضا على سبيل المثال ناجي البستاني (يقال إنه المرشح الحقيقي للتيار) وغيرهم..
تفاهم بين بكركي ودار الفتوى
ويشير متابعون للمفاوضات إلى أن المرجعية المسيحية الدينية الكبرى، أي بكركي، في جو ذلك وثمة تشجيع على الدفع في انتخابات رئاسية كون البلد لم يعد يتحمل وهي متفاهمة على المبدأ مع دار الفتوى.
من هنا لن يكون أي إجماع على إسم ما، وهو ليس مطلوباً في الأصل، فالمهم الإتفاق على بعض الأسماء والذهاب إلى جلسة نيابية للتصويت على أحدها. هنا ثمة طرح غريب لكن قد يكون منطقياً بأن تُطرح تلك الأسماء بعد الدورة الأولى من الجلسة النيابية المقبلة وقبل الشروع في الدورة الثانية.
قطر لإقناع “حزب الله”
إذاً الجميع في انتظار الموفد القطري الذي تردد أنه قادم قريباً وما ستحمله الدوحة التي يشير متابعون إلى انها هي المؤهلة لإقناع “حزب الله” بالإسم المُتقاطع عليه وهي التي كانت شرعت أصلا في تلك الطروحات مع الجانب الإيراني.
في هذه الأثناء وبالعودة إلى الحوار المُروج له، فإن اللا حماسة السنية حتى ولو حضر البعض، تمثل تعبيراً عن رأي عام سني رسمي وشعبي يراه حواراً عبثياً استناداً إلى الماضي غير البعيد (وهو ما أقره لودريان بأسف خلال اللقاء)، لكن الأهم وهنا النقطة المحورية، يقلق السنة من تطرق الحوار إلى ما لا يخدم السنة كطائفة تخشى من تعديلات على النظام تضرب ما تبقى مما يطمئنها في البلد، خلال مرحلة يُعتبر السنة فيه الطرف الأضعف.
هنا يقر أحد الصقور في الطائفة “بأننا سنقاتل (طبعاً لا يقصد بمعنى السلاح) كل من يريد تعديلات تؤذينا في النظام”. والخشية هنا من الحوار بين “التيار الوطني الحر” و”حزب الله” حول قضايا تثير قلقاً سنياً (وشيعياً ودرزياً أيضا ولو من دون إعلان) مثل اللامركزية المالية والصندوق الإئتماني وغيرهما.
على أنها هنا وجهة نظر يشترك فيها الجميع تقريباً في الطائفة. لا فرق هنا بين متشدد ومعتدل، وحتى بين “سيادي” و”ممانع”.