Site icon IMLebanon

«سنّة حزب الله».. الاحصاءات تفضح الإدعاءات

 

على جري عادته، زرع «حزب الله» أمام عجلة التأليف الحكومي خلال اليومين الماضيين، عقبة مصطنعة تمثّلت بما سُمّي «سنّة المعارضة»، وادعاءه أحقية تمثيلهم في الحكومة. والأنكى أن «لعبة» الحزب، أخذته هذه المرّة إلى الترويج لاحصاءات مغلوطة تتعلّق باحتساب عدد الأصوات التي نالها حلفاؤه في «سُنّة المعارضة» في الانتخابات النيابية الأخيرة، فزعم وفق معادلته وحساباته الخاصة، أن مجموع ما نالوه مجتمعين، يُساوي ما نسبته 40 في المئة من نسبة أصوات السُنّة في لبنان ككل.

 

كانت نيّة التأليف الحكومي منعقدة على اليومين المنصرمين، قبل أن يُفجّر «حزب الله» قنبلة «دخانية» بعد إصراره على توزير أحد حلفائه من «النوّاب السُنّة» المحسوبين عليه، والذين يمكن تسميتهم فعلياً «سنّة حزب الله» خصوصاً بعد أن قدّم رئيس حزب «القوّات اللبنانية» سمير جعجع، التسهيلات اللازمة لانطلاق عجلة التشكيل بعد قبوله بالحقائب المعروضة عليه. و«القنبلة» التي وصل دخانها إلى الأمكنة المقصودة، والتي كانت سبباً كافياً لوضع عقبة جديدة أمام عجلة التأليف ولو مؤقتاً، جاءت من خلال كلمة سر وزّعها «حزب الله» أوّل من أمس على بعض المقربين منه يؤكد فيها رفضه تسليم الرئيس المكلف سعد الحريري أسماء وزرائه الذين سيُمثلونه في الحكومة إذا لم يُصر إلى تمثيل أحد نوّاب «سنّة 8 آذار» فيها.

 

ما يستند اليه «حزب الله» في عملية تعقيد التشكيل إلا بعد تمثيل حلفائه النواب السُنّة بوزير، يعود إلى ركونه لبعض الاحصاءات الانتخابية المغلوطة طبعاً، والتي يعتبر من خلالها أن «مظلومية» وقعت على هؤلاء الحلفاء أدت إلى منعهم من حقهم. فترويج الحزب بأن حلفاءه الستة حصدوا ما نسبته 40 في المئة من أصوات السُنة عموماً، تدحضه الوقائع المبنيّة على كل الاحصاءات الرسمية وغير الرسمية، والتي تُبيّن أن مجموع ما حصده هؤلاء، لا يتجاوز الـ 9 في المئة، وهذا ما تُثبته أيضاً، الأرقام التي نشرتها «الدولية للمعلومات» ومعظم وسائل الاعلام الرسمي والخاص، ما يظهر أن الحزب ارتكز في عملية التعطيل، على أرقام وهمية عادت وانقلبت على حلفائه وكشفت حجم تمثيلهم بالجملة والمفرّق.

 

وبحسب النتائج الرسمية، فقد حصل حلفاء «حزب الله» أي «النوّاب الستة» على الأصوات التفضيلية السنية الآتية:

 

فيصل كرامي: 6564، جهاد الصمد: 10114، عبد الرحيم مراد: 10640، عدنان طرابلسي: 11425، قاسم هاشم: 3504، الوليد سكرية: 1053، أي ما مجموعه 43300 صوت تفضيلي سني من أصل 481680 هو المجموع العام للأصوات التفضيلية السنية في كل الدوائر، أي ما يعادل بالنسبة المئوية: 8.9 في المئة. وهنا لا بد من توجيه سؤال الى الحزب: من أين جاء بنسبة الـ 40 في المئة؟ ومن هي الجهة الفعلية التي زودته بها وأدخلته في متاهات كان في غنى عنها لاسيما وأنها بعيدة كل البعد عن الحصاءات الرسمية؟.

 

مجموعة أمور تكشف أن عرقلة التشكيل أو تأخيره، هي عملية مقصودة ومدروسة في آن. من يستعيد شريط العراقيل التي كانت تحول دون إنضاج تشكيل الحكومة خلال الأسبوعين الأخيرين بعيداً من «العقدة المسيحيّة»، يكتشف أن عملية العرقلة بدأت بالتدرج على يد «النوّاب الستة»، وبدأت مع النائب عبد الرحيم مراد الذي حاول رمي الكرة في ملعب الرئيس المكلّف من خلال ادعائه أن «اللقاء التشاوري للسنة المستقلين» كان توجه اليه ليمثله في الحكومة العتيدة، لكن الوقائع كشفت زيف الادعاء وأكدت بما لا يقبل الشك، أن هؤلاء النواّب كانوا وصلوا يوم الاستشارات إلى قصر بعبدا، إمّا ضمن تكتلات نيابية أو فُرادى، وأن ما جمعهم لاحقاً، هو فقط خصامهم السياسي مع الرئيس الحريري.

 

اليوم، وفي ظل التعقيدات الممنهجة التي تواجه عملية التأليف، لا بد من الوقوف عند واقع غاية في الأهمية يؤكد أن تشتّت «النوّاب الستة» يوم الاستشارات والعجز عن جمعهم يومها ضمن تكتل واحد، لن يلتئم اليوم في ظل إحصاءات ليس مشكوكاً بها وحسب، إنما أراد أصحابها تعمية الناس عن حقائق هي في الأصل محفورة في التاريخ والذاكرة، وليس من السهل على الاطلاق استخدامها في غير محلها لأسباب تتعلّق بالأحجام سواء السياسية أو التمثيلية.