الحريري لا يملك أغلبية كاسحة في بيئته
سنّة المعارضة.. «مولد حكومي بلا حمص»
تنتظر قيادات سياسية سنية (من خارج تيار المستقبل) توضيحات من حلفائها، حول السبب الذي دفعهم الى عدم التمسك بتمثيلها في حكومة العهد الأولى، على غرار تمسكهم بتمثيل كل من «تيار المردة» وطلال أرسلان والقوميين السوريين.
ترى تلك القيادات أنه كان الأجدى بالحلفاء أن يرفضوا أي تشكيلة حكومية لا يتمثل فيها سني من خارج «العباءة الزرقاء»، خصوصاً أن ما أصطلح على تسميته بـ «سنة المعارضة» قدّموا وضحّوا كثيراً خلال السنوات الماضية بسبب خياراتهم السياسية في دعم المقاومة ودفعوا من شعبيتهم وحضورهم في مناطقهم وصولاً الى تهديد سلامتهم الشخصية مع بعض أنصارهم.
أما النتيجة، فكانت أن «سنة المعارضة» خرجوا «لا مع ستي بخير ولا مع جدي بخير»، فكانوا ضحية التوازنات السياسية، وتقسيم المغانم والحصص الوزارية على التيارات البارزة، فلم تقاتل أحزاب 8 آذار وفي مقدّمها «حزب الله» و «حركة أمل»، في سبيل توزير أحدهم، في حين غرد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بعيداً عنهم ليسمّي شخصية سنية مقربة من «التيار الوطني الحر»، في الوقت الذي كان يظن فيه الجميع أن مطالبة عون بتسمية وزير سني ستصبّ في مصلحة واحد من ثلاثة هم: ليلى الصلح، فيصل كرامي وعبدالرحيم مراد الذين لطالما دعموا وصوله الى قصر بعبدا.
أمام هذا الواقع، بدأ سنة «المعارضة» يعيدون النظر بحساباتهم السياسية، خصوصاً أنهم بمعزل عن حزب الكتائب الذي كان خياره عدم الدخول الى الحكومة، رافضاً وزارة الدولة التي عرضت عليه، خرجوا من «المولد الحكومي بلا حمص»، في حين رمت التيارات والأحزاب الكبرى في 8 آذار نفسها في أحضان الرئيس سعد الحريري الذي كعادته اختصر التمثيل السني بـ «تيار المستقبل» ضارباً عرض الحائط الثنائية أو الشراكة مع قيادات وتيارات سنية أخرى والتي كان اعترف فيها بأكثر من مناسبة وزيارة، قبل أن يستعيد أنفاسه السياسية بخطوة ترشيح عون للرئاسة، وضمان تكليفه بتشكيل الحكومة.
وما يضاعف عتب «سنة المعارضة» هو أن حلفاءهم لم يقيموا وزناً لكل استطلاعات الرأي التي تؤكد أن الحريري لم يعد يمتلك الأكثرية الشعبية الكاسحة في الشارع السني، وأن ثمة مكوّنات سنية بدأت تنافسه في مناطق ذات ثقل سني، وهم بتجاهلهم تمثيل أي شخصية سنية معارضة في الحكومة، فتحوا الباب عن قصد أو غير قصد أمام الحريري للاستفادة شعبياً من مغانم الحكومة، ومن الحقائب التي منحها لرموز في تياره، في حين أوصدوا أبواب الخدمات أمام مَن يُفترض أنهم من ضمن فريقهم السياسي الذي انتصر بوصول الجنرال عون الى رئاسة الجمهورية، لكأن المطلوب من قيادات 8 آذار السنية أن تكون شريكة فقط بالغرم.
تقول شخصية سنية معارضة إنه في حال أراد أي تيار سني أن يتحالف مع «تيار المستقبل»، فإن الرئيس سعد الحريري يحاول أن يضعه تحت جناحه وصولاً الى تهميشه ووضعه على «الرفّ»، وإذا عارض أي تيار سني الحريري فإنه يسعى الى إلغائه ومحاربته بشتى الطرق والوسائل، لذلك فإن القيادات السنية من خارج «تيار المستقبل» تجد نفسها مضطرة، لأن تصنع حضورها وشعبيتها بنفسها.
ولا تخفي هذه الشخصية أن كل ما حصل مؤخراً، «جاء ليصبّ في مصلحة فريقنا السياسي. وهذا أمر إيجابي جداً ويمكن البناء عليه مستقبلاً، لكن من دون تمثيل «سنة المعارضة»، تبقى هذه الحكومة ناقصة، لكونها تقتصر على تمثيل مكوّن سني واحد، من بين مكونات عدة، وذلك بخلاف الطوائف الأخرى التي تم تثبيت الثنائيات أو الثلاثيات في تمثيلها.