تصرف ظرفي لا يمحو استعمال السلاح بالاغتيالات والهيمنة السياسية
راجت في الآونة الاخيرة، اخبار كثيرة، وترددت اقاويل عديدة، عن محاسن وايجابيات التحالف المستجد، بين حزب الله والجماعة الاسلامية، بعد طول خصام ومواجهة، وحيكت روايات وتوقعات مطولة عن تأثيرها الفعال، في استقطاب الشارع السنّي تجاهها، باعتبار ان القاسم المشترك الذي اوجد هذا التحالف، هو التصدي للعدو الاسرائيلي، ودعم حركة حماس والتضامن مع الشعب الفلسطيني في قطاع غزّة، بمواجهة الحرب الإسرائيلية الوحشية ضده، والتوقعات المرتقبة بإحداث تغيير جذري في ولاءات الشارع السنّي المتعاطف مع الفلسطينين أساسا في قضيتهم المركزية، واستقطاب اكثريته إلى جانب هذا التحالف، وتحديدا إلى جانب الجماعة الاسلامية وتوجهاتها السياسية، في ظل الفراغ في زعامة القيادات السنيّة، بعد تعليق الرئيس سعد الحريري عمله السياسي ووجوده بالخارج، بما يقلب الولاءات الشعبية السنيّة للسياسيين التقليديين، رأساً على عقب، وبالتالي ينعكس ايجاباً على حزب الله، ويعيد تعويم علاقته المتردية مع الشارع السنّي عموما .
من يتحسس الشارع السنّي على ارض الواقع، في كافة المناطق اللبنانية، يستغرب كثيرا، ميروج عن نتائج وابعاد التحالف المستجد بين حزب الله والجماعة الاسلامية على الشارع السنّي، وأثره المتوقع على تغيير خارطة الولاءات الشعبية السنيّة، ويعتبر ذلك امرا مبالغا فيه كثيرا، ويتعارض مع الواقع القائم، بالرغم من التعاطف والتأييد للشعب الفلسطيني في مواجهة الحرب الإسرائيلية الاجرامية ضده، في غزة وكافة المناطق، والتفاف عدد محدود من الشباب حول الجماعة الاسلامية، في حين يظهر جليا، الامتعاض واضحا من هذا التحالف، بسبب استمرار النفور والتباعد القائم مع الحزب، على خلفية الممارسات والارتكابات، التي قام بها منذ اغتيال الرئيس الشهيدرفيق الحريري، ومرورا باجتياح العاصمة بيروت بسلاحه في السابع من أيار عام ٢٠٠٨، وانقضاضه على السلطة بالقوة تحت راية المقاومة، ووصولا إلى التعطيل المتعمَّد لكل الاستحقاقات المفصلية المهمة منذ ذلك الحين، وما يحدث حاليا في عرقلة انتخابات رئاسة الجمهورية بالقوة، وتحت شعارات وحجج غير مقنعة، أبلغ دليل على استقوائه بالسلاح للهيمنة ومصادرة السلطة السياسية، غير آبه بمصلحة الشعب اللبناني كله.
من ناحية ثانية، تبدو الجماعة الاسلامية محدودة التأثير في استقطاب واسع للشارع السنّي من حولها، لتغطية ودعم تحولها للتحالف مع حزب الله، بالرغم من عنوان مواجهة العدو الاسرائيلي الذي اختارته لهذا التحول في العلاقة معه، لأن تأثير وانتشار الجماعة في الشارع السنّي، محكوم بمناطق محددة اساسا، وليس على مستوى واسع النطاق، كما يحلو للبعض القول، وابلغ دليل على ذلك، ما تحصده من نتائج بالانتخابات النيابية في الدورات السابقة، من عدد لا يتجاوز في احسن الحالات نائبين، ضمن تحالفات سياسية مع أكثر من طرف.
لذلك، تبقى امكانية استقطاب التحالف المستجد بين حزب الله والجماعة الاسلامية، للشارع السنّي، ولاسيما المتعاطف مع الفلسطينيين بمواجهة الاعتداءات والممارسات الإسرائيلية على نطاق واسع، محكومة اولا، بتجاوز مرحلة ما بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وثانياُ بتغيير جذري في نهج استغلال السلاح باللعبة السياسية الداخلية، والتعاطي بايجابية في قيام الدولة والنهوض بالبلد. وهذا لا يبدو في حسابات وممارسات الحزب الحالية وحتى المستقبل القريب، كما يظهر ذلك بوضوح.