Site icon IMLebanon

عامان على تعليق الحريري لعمله السياسي… ماذا أنتج “الانقلاب” للطائفة السنيّة؟

إحباط وتشتّت وتعطّش لقيادي يعيد الشعارات الى الساحة ويصحّح المفاهيم الخاطئة

 

قبل عامين بالتمام حصل انقلاب داخل اروقة بيت الوسط، مع إعلان الرئيس سعد الحريري تعليقه العمل السياسي وعزوفه وتيار”المستقبل” عن خوض الانتخابات النيابية، فانقلب وضع الطائفة السنيّة رأساً على عقب، خصوصاً التابعين والمؤيدين للتيار الازرق، الذين خرجوا الى الشارع للتعبير عن سخطهم ورفضهم للقرار، مؤكدين مقاطعتهم للانتخابات وعدم اقتراعهم لأحد في ظل غياب الحريري، الذي يعتبرونه الزعيم السنيّ الوحيد السائر على خط الاعتدال.

 

هذا الموقف سبق ان شهده لبنان في الأروقة المسيحية في العام 1992، حين قاطع المسيحيون الانتخابات النيابية، وإن اختلفت الاوضاع بين الحدثين، الذي ترافق حينئذ اي في العام 1992 مع النفي والاعتقال للزعماء المسيحيين، مع ما رافق ذلك من احباط مسيحي طالت فترته سنوات. لكن في ذلك الوقت استطاعت بكركي من خلال البطريرك نصرالله صفير تلقف الوضع، وإزالة ذلك الاحباط ولو بنسبة قليلة، فتولّت قيادة الساحة المسيحية التي كانت تبحث عن زعيم فلا تجده، مع غياب العماد ميشال عون في المنفى والدكتور سمير جعجع في السجن، فلم يبق في الساحة إلا بكركي.

 

اليوم يعود المشهد عينه لدى الطائفة السنيّة، لكن من دون نفي او اعتقال، انما رحيل وعزوف سياسي “للحريرية السياسية” معروفة الاسباب، من دون ان تعرف موعد العودة التي تبدو متأخرة، وفق ما يقول وزير سابق سنيّ، ويؤكد أنّ ما جرى قبل عامين في بيت الوسط مع إعلان الحريري ذلك الموقف الصعب على اهل الطائفة، أوجد لديها الاحباط  المترافق مع العصب المذهبي الشعارات الحساسة، التي تلعب على الوتر الطائفي والمذهبي في هذه الظروف الخطرة.

 

واعتبر أنّ التداعيات كانت وما زالت وخيمة، من خلال إحياء حالة تطرّف على مستوى القاعدة السنيّة الشعبية التي يغيب عنها الحريري، اذا سلمنا بأنّ اعتكافه كان مرتبطاً بقرار، وكان يتجنّب دخول هذه المعركة، ولذا انسحب من الحياة السياسية في توقيت صعب، من دون ان يستطيع احد  ان يُملي الفراغ، ما جعل بعض أبناء الطائفة يسيرون نحو الحالات المتطرّفة رفضاً لكل ما جرى، لكن احتضان مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، كان وما زال الحل السليم والابرز لجمع الطائفة السنيّة.

 

الى ذلك، تشدّد مصادر شعبية مؤيدة  “للحريرية السياسية” على ضرورة عودة صقور تيارهم في اقرب فرصة، والى دق ناقوس الخطر السنيّ، وإطلاق المواقف النارية على غرار مواقف النائب اشرف ريفي والنائب السابق مصطفى علوش، آملين خروج المارد السنيّ من القمقم بهدف شدّ العصب، لانّ الاعتدال السياسي على ما يبدو لا يفيد في لبنان، معتبرين انّ غياب الحريري يعني غياب اكبر تيار سياسي يمثل اهل السنّة، خصوصاً انّ ما جرى منذ سنتين زاد من نسبة القلق لديهم، والمطلوب تصحيح المفاهيم السائدة، مع رفضهم لكل من يضطهد اهل السّنة.

 

واملت المصادر المذكورة ان يعود الحريري الى الساحة السياسية الفعلية، من خلال مواقف جديّة صارمة ومطمئنة لجمهوره، وذكّروا بأنّ تيار”المستقبل” كان الأكثر جماهيرية على مستوى لبنان قبل سنوات قليلة، اذ كان يساهم بنسبة كبيرة في التشكيل والتعييّن وتسمية الوزراء والمدراء السنّة، إضافة الى دوره الخارجي بين لبنان ودول القرار، وقالوا: “نهجنا الذي يسوده الخط الوسطي، فهمه الطرف الآخر وكأنه الخوف والضعف السياسي، فضلاً عن انّ بعض افرقاء السّنة غير البارزين، شجعوا الحركة الناقمة على الحريري منذ بداية انطلاقته، وكل هذا ادى الى تشرذم الشارع السّني اكثر فأكثر”.

 

في سياق مغاير، يرى البعض انّ مشاركة عناصر من “الجماعة الاسلامية” في معارك الحدود الجنوبية ضد “اسرائيل”، ازال الإحباط لديهم لانه خلق نوعاً من الوجود السنيّ داخل صفوف المقاومة، كما انّ التعاطف موجود بقوة مع حركة حماس والفصائل الفلسطينية، التي شاركت في عملية طوفان الاقصى، التي يرون فيها مصدراً أبعد عنهم الإحباط واعطاهم المعنويات، خصوصاً أن الساحة السنيّة تعتبر نفسها تاريخياً معنيّة بقوة بالقضية الفلسطينية، وهذا ما برز بقوة في لبنان مع بدء الحرب اللبنانية في نيسان 1975، والتي اظهرت التعاطف السنيّ الكبير مع الفلسطينيين في ذلك الوقت.