IMLebanon

التردّد السُنّي والانتخابات

 

 

حتّى السّاعة ما يزال الكثير من وجوه الطّائفة السُنيّة متردّدون في إعلان ترشّحهم للإنتخابات النيابيّة ومن الطبيعي أن يُقرأ هذا التردّد في ضوء إعلان الرئيس سعد الحريري عدم ترشّحه ومعه تيّاره للانتخابات المقبلة فيما يبدو أنّ الطّامح الوحيد حتى الآن والذي لا علاقة له بالسّياسة لا من قريب ولا من بعيد وصلته الوحيدة بها تقتصر على كونه نجل الرئيس رفيق الحريري، ومن غير المفهوم ما الذي فتح شهيّة بهاء الحريري وهو صاحب شركة تطوير عقاري ولا محلّ له من إعراب خارطة الواقع السياسي اللبناني وأغلب الظنّ أنّه لن يكون له أيضاً.

 

فراغ التّرشيحات السُنيّة هو الذي سمح حتى الآن لمغامرة بهاء الحريري ومحاولته الفضفاضة لإيجاد موطئ قدم له على هذه السّاحة مطلقاً تصريحات من عيار “عائلة رفيق الحريري ستخوض الإنتخابات ومعركة استرداد الوطن من محتلّيه وسأكون في لبنان قريباً” وبصرف النّظر عن إستغلاله تسمية واسعة جدّاً هي “عائلة الرّئيس رفيق الحريري” يأتي كلامه عن “معركة استرداد الوطن من محتلّيه” ليكشف مدى وهن خطابه السياسي وإلى أيّ حدّ يستغبي الرّجل عقل المواطن اللبناني إذ يتحدّث عن معركة من دون أن يخبرنا عن الخطّة والبرنامج ومقوّمات هذه المعركة وكيفيّة خوضها خصوصاً أنّها عنوان كبير يريد استرداد لبنان من محتلّيه فيما لا يجرؤ بهاء الحريري صاحب هذا الكلام على المجيء إلى لبنان خوفاً على حياته!

 

وعلى الرّغم من إعلان دار الفتوى اللبنانيّة بوصفها المرجعيّة الرّوحيّة السُنيّة عدم مقاطعة الطّائفة السُنيّة للإنتخابات مضاف إليها تأكيد رئيس الحكومة ومعه الرّئيس فؤاد السّنيورة عدم مقاطعة الإنتخاب، يبدو هذا التريّث غير مبرّر حتى الآن وتكبر مخاوف من أن يتسبّب تأخير انطلاق مسارات المرشّحين المحتملين خصوصاً ذوي الحيثيّة والأسماء التي يعوّل على وزنها وآخرهم بالأمس النّائب نهاد المشنوق الذي أعلن من دار الفتوى “أنه سيتّخذ القرار النّهائي في مسألة ترشّحه إلى الانتخابات النيابيّة” والسّؤال الذي يطرح نفسه: ما آخرة هذه التريّثات كلّها؟!

 

وهنا، لا بدّ لنا من تكرار ما كتبناه في مقال سابق بُعيد إعلان الرئيس سعد الحريري انسحابه من الحياة السياسيّة بأن “ في أسوأ أيّامها لم تنسحب الطّائفة السُنيّة من الحياة السياسيّة أبداً حتى في عزّ إحباطها زمن الحرب الأهليّة حتى عندما نفى الاحتلال السّوري أبرز قياداتها وحطّم بعضها واغتال نخبتها وصولاً إلى اغتيال مفتيها لم تنسحب من الحياة السياسيّة”، وفي هذا الظّرف المصيري الذي يمرّ به لبنان ثمّة دور كبير منوط بهذه الطّائفة ورجالاتها القيام به حفاظاً على لبنان الوطن وليس أيّ وطن بل لبنان ـ الرّسالة، ففي الوقت الذي يراهن فيه كثيرون على اندثار هذا المعنى والمفهوم لقيمة لبنان كوطن تبلورت في تجربته عيش الأديان المشترك وهو أمر لا يستقيم إلا في لبنان لتعدّد طوائفة وهناك استحالة في اقتباس المدن والدّول التي تحاول خطف الدّور اللبناني ونسبه لنفسها…

 

حالة التردّد هذه لا يجب أن تستمرّ لأنّها ستسمح للأسماء النّكرة أن تتسلّل إلى البرلمان لتدّعي أنّها تمثّل طائفة فيما هي مدسوسة على الطائفة وعلى البرلمان والأمثلة على ذلك كثيرة فسُنّة حزب الله الذين أتى بهم ليكسر تكتّل الطائفة السُنيّة في وجه مشاريعه وتشكيلها سدّاً منيعاً في وجه مشاريع تكريسه لاحتلال إيران للبنان مهما نفى حزب إيران هذه الحقيقة وأنكرها!