IMLebanon

14 شباط والإعتدال… لا مستقبل لاتّهام السنّة بالتطرّف

 

 

 

تحلّ الذكرى 17 لاغتيال الرئيس رفيق الحريري، ولبنان لا يزال يغرق بالأزمات والفوضى والخضات الأمنية والإقتصادية المتتالية.

 

للذكرى في هذا العام طابع مختلف، إذ إنه في السنوات الماضية كانت التحديات كبيرة، لكن الفرق أنه وحتى في السنة الأولى من الإغتيال لم يستطع القاتل ضرب «الحريرية السياسية» وإخراجها من المعادلة الوطنية والإقليمية.

 

اليوم وبقرار ذاتي يأخذ وارث الشهيد رفيق الحريري السياسي نجله سعد قرار الخروج من الحياة السياسية بعد الفشل في مجموعة من ملفات عدة، كان آخرها عدم قدرته على تأليف الحكومة بعدما حذّره الجميع بألا يُقدم على خطوة تكليفه، لأن الخصوم يتربّصون به ولا يكفيه دعم الرئيس نبيه برّي لأن للأخير حسابات يريد تصفيتها مع العهد.

 

ويقف أبناء الساحة السنية في حيرة من أمرهم، منهم من سيعتكف مع إعكتاف الحريري، وآخرون يترقبون من سيملأ الفراغ، وهناك قسم كبير منهم تشخص أعينهم إلى ما سيقرره نجل الحريري الأكبر بهاء وهل سيكون البديل عن شقيقه، أم أن وحول الأزمة اللبنانية ستغرقه؟

 

من جهة أخرى، هناك نغمة بأن اعتكاف سعد الحريري وابتعاد تيار «المستقبل» عن الحياة السياسية سيغذّيان التطرّف السني وسيضربان التوازن الوطني. ويشكّل هذا الكلام إستفزازاً لبعض أركان الطائفة السنية التي تمتعض وتعتبر أن الحركات الإسلامية المتطرفة، وعلى رأسها «داعش» و»جبهة النصرة»، هي استثناء في الحياة السنية ولم تجد بيئة حاضنة في لبنان.

 

لعب تيار «المستقبل» دوره في لجم التطرف، وهذا الأمر لا ينكره من يتعاطى الشأنين السني والعام على حدّ سواء، لكن قبل وصول الرئيس رفيق الحريري إلى سدّة الحكومة ومن بعده نجله سعد، كان السنة في صلب الحياة السياسية وكان الإعتدال سمتهم، وشغل عدد كبير منهم مناصب مهمة في الوطن وخارج الوطن.

 

وهناك سؤال يطرح: هل كان الرئيسان صائب سلام أو رشيد كرامي متطرفين؟ وهل كان آل البزري وآل سعد وعدد من أركان الحكم قبل «الطائف» من صنيعة التطرّف؟ فالسنة كانوا في مراحل عدّة رموز الإعتدال وكانوا عروبيين ومع مشاريع الوحدة وقيام دولة ذات سيادة تحت عناوين وطنية.

 

من هنا يعتبر قادة السنّة أن التطرف ليس من سماتهم، وأنه مع «المستقبل» أو من دونه سيكون السنّة أهل اعتدال، وبالنسبة إلى التطرّف السياسي فهو موجود عند كل الطوائف، أما بالنسبة إلى التطرّف الديني، فإن دار الفتوى والمشايخ وقادة الرأي يفعلون كل ما بوسعهم لاستيعاب هذه الحالات والتي لا دخل لها بالمواقف السياسية أو من يقود الساحة.

 

لا شكّ ان خروج تيار «المستقبل» من السلطة سيترك فراغاً كبيراً، ومحاولة بعض المستقبليين رفع شعار الميثاقية قد يكون في غير مكانه، فإذا جرت الإنتخابات وقاطع السنّة العملية الإنتخابية عندها تُفقد الميثاقية، أما إذا شارك السنّة بكثافة واختاروا ممثلين عنهم، فعندها تكون الإنتخابات ميثاقية، علماً أن الشعب ثائر على كل الطبقة السياسية ومن ضمنها تيار «المستقبل».