لم يكن عبثاً تمديد مهلة التهديد الذي أطلقه وزير الزراعة أكرم شهيب، ودعمه فيه رئيس الحكومة تمام سلام إلى اليوم إفساحا في المجال أمام معالجة الاعتراضات الاخيرة والتعديلات المقترحة على خطة النفايات، لكي تنطلق الحكومة إلى جلسة مرتقبة الاثنين المقبل من أجل إنجاز هذا الملف. لكن السؤال الذي يبقى عالقا يكمن في ما بعد الجلسة الحكومية اليتيمة التي ارتضت جميع القوى السياسية المشاركة فيها بمن فيهما وزيرا “تكتل التغيير والاصلاح”، وهل تؤسس جلسة “النفايات” لمرحلة تفاهمات جديدة على قاعدة انطلاق قطار “اللامركزية الطائفية”، أو أن الامور ستعود إلى المربع الاول الذي توقفت عنده عجلة الحكومة، والمتعلق بأزمتي آلية العمل الحكومي والتعيينات العسكرية؟
بدا واضحاً أن أزمة النفايات التي بلغت حداً كارثياً، وحتى فضائحياً، قد شكلت القاسم المشترك الذي جمع في نهاية المطاف كل القوى السياسية حول التفاهم على ضرورة احتوائها والانتهاء منها بعدما بلغت آخر فصولها الساحة الخلفية لمنزل كل سياسي، ولم تعد أضرارها وأخطارها متوقفة فقط عند صحة المواطنين وسلامتهم.
وإذا كان الاجتماع المسائي الذي عقد قبل يومين في السرايا، وناقش حصيلة لقاءات شهيب مع القوى السياسية قد خرج بمشكلة جديدة تتعلق بالنفايات المسيحية ومكان طمرها بعد رفض حزب “الطاشناق” فتح مطمر الكرنتينا، فإن هذا الاجتماع فضح كل المستور وكشف كل الاوراق، دافعاً في اتجاه احتواء سريع للأزمة قبل أن تتحول أكثر عن مسارها وتدخل في تشعبات قد تطيح التحالفات السياسية القائمة.
وبالفعل، فقد نجح رئيس الحكومة في انتزاع اسم المطمر الذي تفاهم عليه الثنائي الشيعي الذي يضم “حزب الله” وحركة “امل” من الوزيرين حسين الحاج حسن وعلي حسن خليل اللذين زارا السرايا عصر أمس واجتمعا بسلام لهذه الغاية.
وعلم أن اجتماعا سيعقد اليوم بين سلام وشهيب وخليل من اجل البحث في التفاصيل النهائية لما آلت إليه الخطة ولا سيما في الجانب المالي منها من أجل تحديد الكلفة. وفهم من اوساط شهيب أن هناك تقديرات أولية للكلفة بعد التعديلات التي أدخلت عليها، ولكن لا بد من إعادة تحديدها أكثر لوضعها في تصرف الوزراء قبيل الجلسة الحكومية، على أن يوجه سلام الدعوة إلى جلسة لمجلس الوزراء تعقد قبل ظهر الاثنين.
واستبعدت مصادر وزارية أن تعقد الجلسة اليوم نظرا إلى الحاجة إلى إنجاز اللمسات الاخيرة على الخطة في الاجتماع المشار إليه، فضلا عن غياب عدد من الوزراء بداعي السفر.
ومع تحديد موقع المطمر “الشيعي”، يكون ملف النفايات قد اجتاز شوطه الاكبر. وتقلل مصادر مواكبة للملف من أهمية الاعتراض المسيحي الذي برز أخيرا، مشيرة إلى أن الاتصالات التي حصلت في اليومين الماضيين كانت كفيلة بتذليل هذه الاعتراضات، وطمأنة الفريق المسيحي حيال الحل الذي سيعتمد والذي سيحترم مبدأ التشارك في النفايات كما في السياسة.
وإلى جانب ملف النفايات، علم ايضاً أن مجلس الوزراء سيتناول مسألة رواتب القطاع العام وخصوصا بعدما تم تحويل ما يقارب 40 في المئة من رواتب العسكريين التي كانت متوافرة لها الاعتمادات المالية في الخزينة، في حين سيحيل خليل موضوع فتح إعتمادات جديدة على مجلس الوزراء.