على مدى يومين فقط، كانت عودة رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، للصلاة امام ضريح والده الرئيس الشهيد رفيق الحريري في ذكرى 14 شباط، بعد اكثر من عام على مغادرته لبنان، وتعليقه العمل السياسي وعدم خوضه الانتخابات النيابية، مع نواب او مرشحين من تيار”المستقبل”، ومنذ ذلك الحين والإحباط يرافق جمهور “التيار الازرق” والى تفاقم، وكان قد بدأ مع اسـتقالة الحريري على وقع انتـفاضة 17 تشرين 2019، بالتزامن مع تداعيات وخلافات سياسية ومن ثم خــروجه نهائياً من الحكم، الامر الذي جعل كوادر تيار” المستقبل” وكل من يُؤيّدهم من اهل الطائفة السنيّة، يُعبّرون عن إحبــاطهم وتشتتهم، ويدعون الى تصحيح المفاهيم السياسية، وسط جمود كبير في تحركهم، حتى كادوا يصبحون منسيّين سياسياً، حيث لا نواب ولا وزراء بل صمت سياسي بإستثناء بعض المواقف الخجولة.
الى ذلك وإنطلاقاً من كواليس “المستقبل”، يأمل نائب سابق عودة الرئيس الحريري نهائياً الى لبنان، مع صقور تياره في اقرب فرصة، والى دق ناقوس الخطر السنيّ، وإطلاق المواقف النارية، على غرار مواقف الوزير السابق اللواء اشرف ريفي، والى ضرورة خروج المارد السنيّ من القمقم بهدف شدّ العصب، لانّ الاعتدال السياسي، على ما يبدو لا يفيد في لبنان، لانّ غياب الرئيس الحريري يعني غياب اكبر تيار سياسي يمثل اهل السنّة، الامر الذي يرفضه جمهوره، ناقلاً نقمة المناصرين على سياسة الاعتدال، لانها لم تعد على مستوى طموحاتهم، وما يجري زاد من نسبة القلق لديهم، خصوصاً انّ بعض المشايخ يدعون كل يوم جمعة ومن المساجد، الى تصحيح المفاهيم السائدة، مع رفضهم لكل من يضطهد اهل السّنة. مُذكّراً بأنّ تيار “المستقبل” كان الأكثر جماهيرية على مستوى لبنان، اذ كان يُساهم بنسبة كبيرة في التشكيل والتعييّن وتسمية الوزراء والمدراء السنّة، إضافة الى دوره الخارجي بين لبنان ودول القرار، لكن نهجنا الذي يسوده الخط الوسطي، فهمه الطرف الآخر وكأنه الخوف والضعف السياسي، فضلاً عن انّ بعض افرقاء السّنة غير البارزين، شجعوا الحركة الناقمة على الحريري منذ بداية انطلاقته، وكل هذا ادى الى تشرذم الشارع السّني اكثر فأكثر.
ورأى انّ البعض يحاول ويعمل بجهد كبير لأخذ مكانه السياسي، الامر الذي يكاد يكون من المستحيلات، لانّ اهل بيروت لا يقبلون بغيره زعيماً لهم، وما ظهر في اليومين الماضيين يؤكد انه كان وسيبقى الزعيم السنّى الاول.
في السياق يبدو انّ قاطن بيت الوسط، أزال الإحباط عن محبيّه ومناصريه خلال هذه الزيارة، اذ بدا المشهد صاخباً من البيت الذي سيبقى مفتوحاً كما قال امام مؤيديه، فيما كانت الاسئلة تراود جمهوره طيلة العام المنصرم، وتطرح من قبلهم دائماً وسط المخاوف والهواجس من غيابه الدائم: “هل يعقل ان يقفل هذا البيت ويكتفي صاحبه بالاعمال التجارية الاستثمارية في الامارات؟ هل يمكن ان يرحل زعيمنا بهذه البساطة ويتركنا نتخبّط بالتناحرات والمناكفات؟، والى متى ستبقى الطائفة السنيّة مشرذمة؟!
مصادر مقربة من الرئيس الحريري أكدت انّ الحقيقة غير ذلك، لانّ وضعه ليس كما وُصف من الناحية المالية، وعودته تقترب لكن ليس لها اي توقيت نهائي بعد، الى ان عاد في ذكرى والده لتتنفس اكثرية اهل السنّة الصعداء، ويزال عنها جزء من الإحباط، في زمن بات فيه اهل السنّة بحاجة الى مَن يبعد ذلك عنهم، مع بصيص أمل لعودة مقولة : “الزعيم السنيّ راجع” بعد الانقلاب الذي طاله من العهد السابق و”التيار الوطني الحر” وبعض القوى، التي إستمرت في هجومها السياسي عليه، اذ إعتبرت انه مصدوم من جرّاء فقدانه الحكم، فيما الحقيقة معاكسة والضربات السياسية عادة تعيد صاحبها اقوى.
في هذا الاطار، ماذا يطلب المناصرون؟، يجيبون على الفور وبالصوت العالي: “يجب شدّ العصب السنّي، مع رفع الصوت العالي والإستعانة بلغة الصقور، والدخول فعلياً في الصف المعارض، مع ضرورة المناداة بحقوق الطائفة السنّية، ونحن في إنتظار عودة الرئيس الحريري نهائياً الى لبنان، لانّ وضعنا سيتغير بالتأكيد نحو الافضل”.