خلف انتخاب ميشال عون رئيساً للجمهوريّة، هناك ما ينغّص هذا الفرح لدى من تطلق عليهم تسمية «سُنّة 8 آذار». وقفوا إلى جانب المقاومة في الأيّام الصعبة، بعد العام 2005. حاصرتهم بيئتهم إبّان صعود «14 آذار». كان البعض يرى السنّة في ذلك الحين «دوغما حريريّة»، ومن يخرج عن الصفّ يكن نصيبه العزل والتخوين.
اليوم، لم يعد وجه عبد الرحيم مراد من «المغضوب عليهم» في «بيت الوسط»، بل ذهب الرّجل إلى عقر دار سعد الحريري، وقبلها رفع عنه «الفيتو» في السعوديّة.
وما ينطبق على رئيس «الغد الأفضل» يسري أيضاً على نجيب ميقاتي. صحيح أنّ «دولة الرئيس» يرفض تصنيف نفسه في خانة «سنّة 8 آذار»، إلّا أنّه نال حصّة الأسد من الهجوم على خلفيّة ترؤسّه «حكومة القمصان السّود». وحتّى أنّ نجل عمر كرامي، فيصل، صار من أقرب المقرّبين لـ «الشيخ سعد».
كلّ ذلك اليوم أضحى من الماضي. ما عادت شخصيّات «8 آذار» معزولة عن محيطها، تماماً كما تغيّر الحريري. المفرقعات الناريّة والاحتفالات الشعبيّة التي عمّت المناطق اللبنانيّة لا تعني بالضرورة أنّ رئيس «المستقبل» بألف خير، إذ إنّ أزمته الماليّة وتحولاته السياسية لم يبلعهما جمهوره.
هكذا، تتحسّن شروط الكثير من «سنّة 8 آذار» سياسياً، ليتحوّل عنوان «لمّ شمل» الطائفة السنيّة إلى عبارة تتكرّر على كل شفة لسان. وأكثر من ذلك، صار ابن «الشيخ رفيق» الذي أقفل يوماً البيوتات السياسيّة السنية، يسعى قبل غيره إلى ترتيب بيت الطائفة الدّاخلي.
في المقابل، ينتظر «سنّة 8 آذار» أن يترجم هذا الواقع بقرار تعيين أحدهم في حكومة الحريري الجديدة، في ظل حظوظ جدية لمصلحة فيصل كرامي أو عبد الرحيم مراد.
يحسد هؤلاء ميشال عون، الذي بقي «حزب الله» واقفاً إلى جانبه حتّى انتخب رئيسا. ولذلك، يتمنّون لو يفعل «الحزب» ذلك من أجلهم. لا ينكر أحدهم أن «الحزب» يدير ظهره لحلفائه السنّة حينما يجلس الى طاولة التّسويات مع «المستقبل»، فيذهبون هم «فرق عملة».
أمس، طرحت هذه القضية خلال استقبال نائب الأمين العام لـ «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم وفد «اللقاء الوطني» برئاسة مراد وبحضور مسؤول ملف الأحزاب في «حزب الله» محمود قماطي. «اللقاء الوطني» أكد خلال اللقاء «تمسكه بتحالفه المتين مع حزب الله، أما القضية الأهم التي جرى التأكيد عليها، فهي ضرورة إنجاز قانون للانتخابات على أساس النسبية، يعطي كل ذي حق حقه» على حد تعبير زاهر الخطيب الذي تحدث باسم «اللقاء».
استقبل نائب الأمين العام لـ «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم رئيس حزب «التوحيد العربي» الوزير السابق وئام وهاب، بحضور مسؤول ملف الأحزاب في «حزب الله» محمود قماطي، وكان عرض لآخر التطورات في لبنان والمنطقة، لا سيما المتعلقة بالاستحقاق الرئاسي وتشكيل الحكومة.
وما يسري على «سنّة 8 آذار» يسري على «دروز 8 آذار». فالوزير وليد جنبلاط، يترك حصة للوزير طلال ارسلان، ويتفق الاثنان على إقفال الأبواب بوجه وئام وهاب، الذي يعتبر أن من حقه أن ينال مقعدا وزاريا وأن تكون الأولوية لقانون انتخابي ينهي زمن المصادرة، وذلك لا يكون إلا بإقرار نظام نسبي.
وهاب التقى، أمس، الشيخ نعيم قاسم، للغاية نفسها، وقال إنه ناقش مع قيادة «حزب الله» قضية التمثيل في الطائفتين السنية والدرزية، «وهذا أمر سنسعى إليه وأعتقد أنه سيكون من ثوابت تشكيل الحكومة، ولا يمكن أن نقبل بأي خيار آخر في هذا الأمر، هناك قوى وطنية يجب أن تتمثل في هذه الحكومة. ويجب التشديد على أن تكون التشكيلة الحكومية خارج المحاصصات الفاسدة، لأن هذه الحكومة ستتولى العمل على قانون انتخابات جديد على أساس النسبية».