IMLebanon

هل اقتربنا من مرحلة فقدان السلع الغذائية؟

 

كشف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة انّ البنك المركزي يسعى الى امتصاص الدولارات الواردة من الخارج عبر شركات تحويل الاموال، من اجل تكوين احتياطي لديه من العملات الاجنبية يمكن استخدامه بالتنسيق لاحقاً مع وزارة الاقتصاد، من اجل تمويل استيراد السلع الغذائية الاساسية على غرار المحروقات والقمح والادوية.

 

علمت «الجمهورية» انّ وزير الاقتصاد راوول نعمه عقد ليل امس الاول اجتماعاً موسّعاً مع مستوردي المواد الغذائية والتجار وأصحاب السوبرماركت، وأبلغهم أنه يتم التنسيق مع البنك الدولي وبرنامج الأغذية العالمي لإعداد لائحة بالمواد الغذائية الاساسية التي يمكن ان يدعم مصرف لبنان استيرادها والتي قد تصل الى حوالى 15 سلعة، منها: العدس، الفاصولياء، الرز، السكر، الزيت النباتي، والمعركونة… علماً انه سيتم تحديد لائحة السلع وفقاً لحجم الدعم الذي سيوفره مصرف لبنان.

 

في هذا الاطار، قال نقيب أصحاب السوبرماركت ​نبيل فهد​ لـ»الجمهورية»: من الضروري أن يخصّص مصرف لبنان حوالى 300 الى 400 مليون دولار لدعم استيراد السلع الغذائية الاساسية وليس فقط القمح، من اجل تأمين تلك المواد الاساسية للمواطن، لافتاً الى انّ تأمين مصرف لبنان تلك الدولارات يمكن ان يكون إمّا وفقاً لسعر الصرف الرسمي او وفقاً لأيّ سعر صرف يمكن ان يحدده البنك المركزي، والذي سيُترجم في اسعار مبيع تلك السلع، مشدداً على انّ هذه العملية لن تساهم في خفض الاسعار فقط، بل ستؤمّن استمرارية عملية استيراد المواد الغذائية الاساسية والتي باتت تواجه صعوبة اليوم بسبب فقدان العملة الصعبة من السوق.

 

وأشار فهد الى انّ مستوردي المواد الغذائية والاستهلاكية واصحاب السوبرماركت شرحوا معاناتهم لوزير الاقتصاد من ناحية صعوبة تأمين الدولارات من السوق بهدف الاستيراد، موضحاً انّ السوبرماركت تسدد ثمن البضائع للمستوردين بالليرة اللبنانية لأنها لم تعد تتقاضى من الزبائن الدولارات. وبالتالي، يجد المستوردون صعوبة كبيرة اليوم في شراء الدولارات من الصيارفة بسبب ندرتها في السوق. كما اوضح فهد انّ اصحاب السوبرماركت لا يمكنهم دفع قيمة الفواتير للمستوردين نقداً كما يطالبونهم، لأنّ حوالى 50 في المئة من الزبائن يدفعون عبر البطاقات الائتمانية، وفي حال سددت السوبرماركت قيمة فواتيرها عبر شيك مصرفي، هناك صعوبة ايضاً لاستيفاء المستوردين تلك الاموال بسبب اقتصار عمل المقاصّة على يوم واحد في الاسبوع، مما يؤخّر تحصيل الشيكات لمدة اسبوعين ولا يمكن بعدها سحبها نقداً من المصارف. وهذه الامور تشكل عائقاً امام المستوردين، وتؤثر سلباً على استمرارية سلسلة التوريد الغذائية.

 

وقال فهد انّ معظم السوبرماركت واجهت نقصاً في بعض المواد الغذائية والاستهلاكية نتيجة «الهجوم» الذي حصل الاسبوع الماضي من قبل المواطنين، والتهافت على تخزين المواد الغذائية بسبب ارتفاع سعر صرف الدولار، والتخوّف من مزيد من الارتفاع في اسعار السلع، شارحاً انّ هذا «الهجوم» أدى الى انتهاء مخزون السوبرماركت وبالتالي فقدان بعض أصناف السلع (brands) او وجودها بكميات قليلة، منها: العدس، الفاصولياء، الزبدة، حليب البودرة، مواد التنظيف…

 

اما بالنسبة لارتفاع اسعار السلع، فقال فهد انّ الاسعار مرتبطة بالدولار وتتغيّر مع انتهاء مخزون كلّ سلعة في السوبرماركت، لأنّ اي مخزون جديد سيتم تسعيره وفقاً لسعر الصرف الحالي للدولار، مشيراً الى انه لغاية نهاية آذار الماضي، كانت أسعار المنتجات المحلية مرتفعة بنسبة 7 في المئة، وبنسبة 65 في المئة للسكر، 40 الى 50 في المئة للحبوب، 35 الى 50 في المئة للمعلّبات، 35 في المئة لمواد التنظيف، مؤكداً انّ هذه النسَب شهدت خلال شهر نيسان مزيداً من الارتفاع بنسبة 20 في المئة بالحدّ الأدنى.

 

بحصلي

من جهته، اكد نقيب مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي لـ»الجمهورية» انّ المواد الغذائية والاستهلاكية ليست مفقودة لدى المستوردين وما زال هناك مخزون لديهم، موضحاً «انّ فقدان بعض اصناف السلع في السوبرماركت نتج عن التهافت الذي شهدناه في الايام الماضية، والذي أدى الى نفاد مخزون السوبرماركت وليس المستوردين». وقال انّ اصحاب السوبرماركت طلبوا من المستوردين مخزوناً اضافياً من البضائع، علماً انهم لم يسددوا بعد قيمة البضائع التي سبق ان استلموها، ولا يمكننا تسليمهم بضائع جديدة سوى مقابل الدفع نقداً لأننا لا نعرف كيف يمكن ان يتطوّر سعر الصرف عند استحقاق تسديد قيمة البضائع بعد شهر او شهرين، مما يهدّد رأسمالنا».

 

وشدّد بحصلي على انّ الحديث عن انّ المستوردين يرفعون اسعار السلع ويقومون بتخزينها لبيعها بأسعار مرتفعة عار من الصحة، لأنّ اسعار السلع المستوردة لم ترتفع بل انّ سعر الصرف الدولار هو الذي ارتفع وانعكس ارتفاعاً في اسعار السلع.

 

في المقابل، أكد بحصلي انّ المستوردين يواجهون صعوبات كبيرة لتأمين العملات الاجنبية، ممّا نتج عنه تراجع في حجم استيراد المواد الغذائية والاستهلاكية بنسبة 30 في المئة بسبب توقف استيراد المواد المصنّفة «كماليات»، والتي لم يعد هناك طلب عليها نتيجة عدم قدرة المواطن على شرائها. وأوضح انّ المستوردين يعمدون الى استخدام العملات الاجنبية التي يمكن تأمينها، من اجل استيراد المواد الاساسية وليس المواد المصنفة كماليات والتي اصبحت اسعارها بالليرة اللبنانية مرتفعة.

 

وأمل في هذا الاطار، ان يقوم مصرف لبنان بدعم استيراد السلع الغذائية الاساسية، نافياً علمه أيّ سعر صرف سيتم اعتماده أو ما هي الآلية التنفيذية للقرار.