صحيح انّ برنامج «أمان» تمكن من دعم نحو 94 الف أسرة لبنانية، لكنّ هذا الدعم الذي أتى على شكل قرض سيأتي يوم ويتوقف، وسيتوجَّب على الدولة تسديده. وعليه، وبعد مضي حوالى سنة وسته اشهر على بدء الاستفادة منه ماذا ستفعل الدولة بعد انتهاء الدعم؟ كيف تفكر بدعم شعبها؟ وهل نحن متّجهون نحو انفجار اجتماعي؟
أكثر من 158 مليون دولار تم منحها الى الأسَر الأكثر فقراً او الفئات المعدومة التي لا دخل لها، من ضمن برنامج «أمان»، خلال سنة وستة اشهر. ويعكس العدد الذي يشمله هذا البرنامج حجم الفقر الذي يزداد يوماً بعد يوم في لبنان، لا سيما بعد الأزمة المالية التي حوّلت غالبية اللبنانيين بين ليلة وضحاها الى فقراء وشحّادين. الا ان هذا البرنامج الذي اختار 190 الف عائلة اعتبرها مؤهلة للمساعدة مهدّد اليوم بالتوقف بسبب الروتين الاداري القاتل نتيجة الشلل السياسي، بحيث أعلن وزير الشؤون الاجتماعية هيكتور الحجار أنه نجح بالحصول على قرض إضافي لبرنامج أمان بقيمة 300 مليون دولار، الا هذا القرض بحاجة لأن يَسلك مساره الطبيعي في الإدارات اللبنانية بين وزارة المال ورئاسة مجلس الوزراء ومجلس النواب قبل الحصول فعلياً على الأموال والتمكّن من دفع المساعدات للأسر المستفيدة، على ان يتم توسيع الاستفادة من 150 ألف إلى 160 ألف أسرة لبنانية.
وفي وقت تؤمّن الدول او المؤسسات الدولية قروضاً او برامج مساعدات للدول المتعثرة او التي تمر بأزمة لفترة «موقتة» ريثما تتمكن من الوقوف مجدداً واستعادة نشاطها، الا ان لبنان يسير عكس بقية الدول فهو اعتادَ على «الشحادة» واستسهال طلب الاموال والاقتراض بدل وضع خطة تَعافٍ تنهض بالبلد وتغنيه عن طلب القروض والمساعدات، لا بل هناك مطلب بتوسيع مروحة المستفيدين من القرض لتضم مختلف شرائح المجتمع، بما يعكس حجم الهوة الاجتماعية واتجاه لبنان نحو مزيد من التأزّم الاجتماعي تعجز الدولة عن الحَدّ منه. ففي النهاية لا يمكن الاستمرار بالاتكال على هِبات او قروض من اجل اعالة شعب تَتّسِع رقعة الفقر والعوز فيه يوماً بعد يوم.
حمدان: إستسهال الاغاثة
في السياق، رأى الخبير الاقتصادي كمال حمدان ان الطبقة السياسية تستسهل استخدام شبكات الاغاثة والامان كبديل لوضع استراتيجية للحماية الاجتماعية، وقال لـ»الجمهورية»: نلاحِظ انه منذ بضعة اعوام الى اليوم تَستسهِل الطبقة السياسية غير المسؤولة استبدال إحلال شبكات الامان والاغاثة، على اهميتها وحاجتها المُلحة، والتي تطال فئات محددة في اسفل الدرك الاجتماعي، بدلاً من المقاربة الكلية الشاملة لاستراتيجة التنمية الاجتماعية والتي يرتكز عمودها الفقري على ثلاث نقاط: التغطية الصحية الشاملة، تحسين نوعية التعليم الرسمي ومجانيته، وتوسيع التأمينات والانتقال من الأجر الى مفهوم الاجر الاجتماعي بما يشمل ايضاً برامج تقاعد بدل برامج نهاية الخدمة السائد في لبنان.
وتابَع: نحن نطالب منذ مدة بأن تطرح المقاربات الشاملة والكلية على بساط البحث وأن تكون من الاولويات، لكننا نأسف ان الطبقة السياسية استسهَلت إنشاء جزر الفقر في ظل غياب اي قواعد احصائية يمكن الارتكاز عليها.
ولدى سؤاله اذا كنا نتجه نحو انفجار اجتماعي؟ قال: نحن فيه، إنما حتى متى يمكن للسلطة ان تستمر بإنتاج مسكّنات لتوقيفه؟
الأسمر: توسيع شرائح المستفيدين
وبعدما حدّد الحجار العائلات التي صنّفت انها غير مؤهلة للاستفادة من برنامج أمان رغم تقدمها بطلب للحصول على مساعدة، من ضمنها موظفو القطاع العام أو الأسلاك العسكريّة، قال رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الاسمر لـ»الجمهورية» انّ هناك حاجة اليوم لأن يستمر برنامج «أمان» مع ضرورة توسيع شرائح المستفيدين منه.
وإذ قدّر مساعي الوزير حجار للحصول على قرض جديد من البنك الدولي، اشار الاسمر الى انه في القرض السابق كانت الشرائح المستفيدة من الدعم محدودة، لذا نحن نطالب اليوم بتوسيعها لتشمل موظفي القطاع العام والمتقاعدين والعسكريين بعدما باتوا من الفقراء، لا سيما بعد الحديث عن وقف منصّة «صيرفة» التي كانت تؤمّن لهم زيادة على الراتب نتيجة فَرق احتساب الدولار بين دولار صيرفة ودولار السوق.
كذلك طالبَ بضَم قطاعات اخرى الى برنامج «أمان»، مثل موظفي المستشفيات الحكومية، متقاعدي التعليم الخاص، والسائقين العموميين الذين يَشكون من مضاربة العمالة السورية. واعتبر الاسمر انه فعلياً هناك قطاعات مهمة يجب ان يشملها الدعم مع تشديد الرقابة على المستفيدين.
واوضحَ انّ المعالجة تبدأ بحَلحلة سياسية عبر انتخاب رئيس للجمهورية واعادة تكوين سلطة سياسية، وذلك استباقاً لأي انفجار اجتماعي وتَأزّم حياتي ومالي واجتماعي وتفاقم حالات الفقر.