ثلاث حقبات مرَّ بها «حزب الله» في الاستعداد للمنازلة الكبرى مع إسرائيل:
الحقبة الأولى امتدت من التأسيس عام 1982 إلى عملية «عناقيد الغضب» عام 1996، على مدى أربعة عشر عاماً، استعد الحزب، تدريباً وتسليحاً ومربّعات أمنيَّة وبيئة حاضنة، وعمقاً يمتد من الضاحية الجنوبية لبيروت وصولاً إلى دمشق فطهران.
انتهت تلك الحرب بتفاهم نيسان وتحديداً بقواعد اشتباك تقضي بتحييد المدنيين .
الحقبة الثانية امتدت من 1996 إلى تموز من العام 2006، خطف «حزب الله» جنوداً إسرائيليين فاندلعت الحرب التي امتدت لثلاثة وثلاثين يوماً، خرج بعدها الأمين العام السابق لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله ليعلن «النصر الإلهي».
الحقبة الثالثة، وهي الأخطر، والأخيرة، والتي امتدت من»النصر الإلهي» إلى «حرب الإسناد والمشاغلة، أعدَّ «حزب الله» لهذه الحرب على كل المستويات:
خط دفاع أول على الحدود، امتد من الناقورة غرباً إلى شبعا شرقاً، وتضمَّن أنفاقاً وفوهات صواريخ تحت الأرض ومستودعات ذخيرة وأكثر من غرفة عمليات وشبكة اتصالات أرضية وكل مستلزمات البقاء تحت الأرض.
خط الدفاع هذا انهار ودمرته اسرائيل، وانتقل «حزب الله» إلى خط الدفاع الثاني، والعمليات العسكرية والمواجهات تتم اليوم بين الخطين.
بالتوازي، ضربت إسرائيل في العمق: من الضاحية الجنوبية إلى البقاع فالشمال، وصولاً إلى القصير في سوريا.
بالإمكان الاستنتاج أن إسرائيل دمَّرت الحقبة الثالثة والأهم والأخطر لاستعدادات «حزب الله»، ودمَّرت في طريقها قرى وبلدات لبنانية، ما يسمح بالتساؤل، وبكل عقلانية وموضوعية: ماذا حقق «حزب الله» للبنان في منازلة «الإسناد والمشاغلة»؟ وهل التوازن في التسلّح «حقق له التوازن على الأرض؟
بعد حرب «الإسناد والمشاغلة» والمعركة التي أطلق عليها «حزب الله» اسم «أولي البأس»، اعتباراً من منتصف أيلول الفائت، انكسر التوازن بين «حزب الله» وإسرائيل، لم ينجح «حزب الله» في تنفيذ وعده الذي وضعه في المناورة الأخيرة لقوات الرضوان، «سنعبر»، بل تراجع وتمت تصفية قياداته وقوات النخبة، وتدمير خط الدفاع الأول وفقدان القرى الأمامية. فمَن سيحاسب على الفشل في تحقيق التوازن العسكري مع إسرائيل؟ ومَن سيتحمل سقوط الرهان ؟