وسط المعطيات التي احاطت تشكيل الحكومة ومشاركة اكثرية الكتل النيابية فيها، ستحصل الحكومة على ثقة الاكثرية من النواب باستثناء اقلية قد لا يزيد عددهم عن العشرة نواب، ستكون امام امتحان صعب في المرحلة المقبلة لمعالجة كمّ هائل من الملفات والقضايا التي أوصلت البلاد ومعها حال كل اللبنانيين الى اسوأ مرحلة شهدها لبنان، خصوصاً في ظل الاهتراء والفوضى والفساد والهدر والمحسوبيات التي تنخر كل القضايا الكبيرة والصغيرة في لبنان.
والواضح بحسب مصدر سياسي داعم للعهد ومسار تأليف الحكومة ان هناك جدية – حتى الان – في اطلاق ورشة واسعة من جانب الحكومة وكل الوزارات المعنية، انطلاقاً من تأكيد كل المراجع السياسية والاطراف السياسية المشاركة في الحكومة واضافة الى ما اعلنه اكثرية الوزراء من رغبة في التفرغ والعمل لمعالجة الملفات التي تنخر كل وزارة وادارة في الدولة، وحتى مضمون البيان الوزاري، كما يقول المصدر، مختلف عن البيانات السابقة باستثناء البنود التي لها طابع سياسي، مثل النأي بالنفس او موضوع سلاح حزب الله.
ويشير المصدر، في هذا السياق، الى ان البيان الوزاري تناول بكثير من العناية وبعض التفاصيل جملة واسعة من القضايا الاقتصادية والمالية والحياتية والبيئية والصحية، ولو ان المصدر يرى ان بعض المسائل كان يمكن ان تكون اكثر وضوحاً في البيان، خاصة ما يتعلق بالحاجة لفتح حوار رسمي مع سوريا، لما لهذا الامر من فائدة كبرى على لبنان، اقتصادياً وحياتياً، لكن وجود ثلاث قوى سياسية في الحكومة هي تيار المستقبل و«القوات اللبنانية» والحزب التقدمي الاشتراكي تعارض هذا التوجه، حال دون تضمين البيان الوزاري بوضوح لقضية الحوار مع سوريا، رغم التغيير الايجابي المحدود حول هذه القضية في البيان، بينما تعيين كل من صالح الغريب وزير الدولة لشؤون النازحين وحسن مراد وزير دولة لشؤون التجارة الخارجية قد يعوض جزءاً من ايجابيات تضمين البيان الوزاري رغبة لبنان الرسمي بالحوار مع دمشق.
ولذلك، يؤكد المصدر السياسي انه مهما كانت طبيعة العلاقة التي ستحكم القوى السياسية المشاركة في الحكومة، فالاخيرة تستطيع ان تحقق الكثير من الانجازات في ملفات عديدة، وهذه الانجازات يمكن ان تكون أشمل، في حال ابتعدت بعض القوى السياسية الاساسية عن سياسة «الكيدية» او المنافع الخاصة، او احتساب اي فعل ايجابي على اساس طائفي ومذهبي ما سيؤدي حكما الى التعطيل والعجز عن تنفيذ كثير من الامور الملحة، على غرار ما حصل مع حكومة العهد الاولى.
لكن قيادي حزبي من خارج مكونات الحكومة ليس متفائلاً الى حدود كبيرة، بل يرى انه اذا استعيد النهج والعلاقة التي اعتمدت في الحكومة السابقة، فالانجازات لن تتجاوز بعض التفاصيل التي لن يكون لها مردود ايجابي كبير على الوضع الداخلي ومعالجة جملة الازمات والملفات التي تواجهها البلاد، واما اذا غيّرت الاطراف المشاركة في الحكومة وعلى الاقل بعض اطرافها السياسيين سلوكها السابق، خاصة تيار المستقبل والتيار الوطني الحر يمكن ان تنجز الحكومة الكثير من الملفات، خصوصاً ان عمر هذه الحكومة قد يمتد حتى نهاية عهد الرئيس ميشال عون، الا اذا حصلت تطورات غير محسوبة ادت الى استقالتها.
الا ان القيادي الحزبي يلاحظ ان ما يطلق من جانب بعض المراجع والمسؤولين من وعود مبالغ فيه ولن تتمكن الحكومة من تحقيقه لاسباب عديدة من اهمها الاتي:
– تحكّم المصالح السياسية والحزبية والطائفية بعمل وسلوك كثير من القوى السياسية المشاركة في الحكومة، وهذا الامر سينعكس على اداء الوزراء المحسوبين عليها في الحكومة، يضاف اليه ارجحية ان ترد قوى اخرى على هذا السلوك بردات فعل مماثلة.
– غياب الرؤية الواحدة او المتقاربة بين مكونات الحكومة حول جملة قضايا واسعة، بدءاً من مقاربة الحلول لازمتي المالية العامة والاقتصادية، الى طبيعة الآليات الضرورية لمواجهة تفاقم الفساد والهدر في الدولة، الى كيفية انهاء روائح الصفقات والسمسرات في كثير من مرافق الدولة، من مسألة الكهرباء الى قضية المطامر، وانتهاء بكيفية تسييل اموال «سيدر» الى مشاريع استثمارية وبنى تحتية.