ينتظر ان ينتخب مجلس النواب في دورته الاستثنائية الحالية أعضاء المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء ، وعددهم سبعة نواب ،مع ثلاثة آخرين رديفين، حيث تتم عملية الانتخاب مع بدء كل ولاية لمجلس نواب ، وذلك لمدة ولاية مجلس النواب، بالإضافة إلى ثمانية من أعلى القضاة اللبنانيين رتبةً حسب درجات التسلسل القضائي أو بالنظر إلى الأقدمية إذا تساوت درجاتهم، ويجتمعون تحت رئاسة أعلى هؤلاء القضاة رتبة وفق المادة 80 من الدستور ،وتسمّي محكمة التمييز، بجميع غرفها، هؤلاء القضاة العدليين الثمانية بمن فيهم الرئيس، وتسمّي أيضًا ثلاثة قضاة عدليين أعضاء رديفين. ويقوم بمهمة النيابة العامة لدى المجلس الأعلى، قاضٍ تسمّيه محكمة التمييز في هيئتها العامة، إضافةً إلى قاضيين معاونين له. وقد حدّدت المادة السابعة من قانون .المجلس الأعلى ، حالات إنتهاء عضوية النائب والقاضي في هذا المجلس.
أعطي المجلس الأعلى صلاحية بتّ طلبات التنحي والرد (بالغالبية المطلقة من أعضائه وبالاقتراع السري)، وله صلاحية إعلان إستقالة أي من أعضائه، إما عفوًا أو بناءً على طلب النيابة العامة لديه. ويصدر رئيس المجلس الأعلى تعليمات خطية أو قرارات إلى المحاسب المختص في مجلس النواب لتنفيذ النفقات الخاصة بالمجلس الأعلى وفق المادة 16 من قانون المجلس الأعلى .
يذكر ان المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء هو احد اهم البنود الإصلاحية التي اقرت في وثيقة الوفاق الوطني في الطائف عام 1989 ، حيث جاء في النقطة الثالثة من الوثيقة وفي البند (ب) تحت عنوان المحاكم :» أ _ضمانا لخضوع المسؤولين والمواطنين جميعا لسيادة القانون وتأمينا لتوافق عمل السلطتين التشريعية والتنفيذية مع مسلمات العيش المشترك وحقوق اللبنانيين الأساسية المنصوص عليها في الدستور :
1_ يشكل المجلس الأعلى المنصوص عليه في الدستور ومهمته محاكمة الرؤساء والوزراء ،ويسن قانون خاص باصول المحاكمات لديه « .
ونصت المادة 80 من الدستور :»يتألف المجلس الأعلى ، ومهمته محاكمة الرؤساء والوزراء ، من سبعة نواب ينتخبهم النواب وثمانية من أعلى القضاة اللبنانيين رتبة حسب درجات التسلسل القضائي أو باعتيار الأقدمية إذا تساوت درجاتهم ويجتمعون تحت رئاسة أرفع هؤلأ القضاة رتبة وتصدر قرارات التجريم من المجلس الأعلى بغالبية عشرة أصوات ، وتحدد أصول المحاكمات لديه بموجب قانون خاص .»
وقد نصت المادة 60 _ دستور :» لا تبعة على رئیس الجمهوریة حال قیامه بوظیفته إلا عند خرقه الدستور أو في حال الخیانة العظمى. أما التبعة فیما یختص بالجرائم العادیة فهي خاضعة للقوانین العامة. ولا یمكن اتهامه بسبب هذه الجرائم أو لعلتي خرق الدستور والخیانة العظمى إلا من قبل مجلس النواب بموجب قرار یصدره بغالبیة ثلثي مجموع أعضائه ویحاكم أمام المجلس الأعلى المنصوص علیه في المادة الثمانین ویعهد في وظیفة النیابة العامة لدى المجلس الأعلى إلى قاض تعینه المحكمة العلیا المؤلفة من جمیع غرفها.»
وجاء المادة 61 _ دستور «یكف رئیس الجمهوریة عن العمل عندما یتهم وتبقى سدة الرئاسة خالیة إلى أن تفصل القضیة من قبل المجلس الأعلى».
وجاء في المادة 70 من الدستور : «لمجلس النواب أن یتهم رئیس مجلس الوزراء والوزراء بارتكابهم الخیانة العظمى أو بإخلالهم بالواجبات المترتبة علیهم ولا یجوز أن یصدر قرار الاتهام إلا بغالبیة الثلثین من مجموع أعضاء المجلس. ویحدد قانون خاص شروط مسؤولیة رئیس مجلس الوزراء والوزراء الحقوقیة. «
ونصت المادة 71:» یحاكم رئیس مجلس الو زراء أو الوزیر المتهم أمام المجلس الأعلى.».
اما – المادة 72فقالت :» یكف رئیس مجلس الوزراء أو الوزیر عن العمل فور صدور قرار الاتهام بحقه، و إذا استقال لا تكون استقالته سبباً لعدم إقامة الدعوى علیه أو لوقف المعاملات القضائیة.».
هذه المواد تدل بوضوح تام كما يشير العميد الدكتور بشارة الخوري «على الغاية من تأليف المجلس الأعلى على النحو الذي قام عليه. فالمجلس الأعلى يتألّف من قضاة وسياسيين، والجرائم التي ينظر فيها (خرق الدستور والخيانة العظمى والإخلال بواجبات الوظيفة) هي جرائم سياسية وليست جرائم عادية، ولا ينفي هذه الصفة كون المجلس الأعلى ينظر بالجرائم العادية التي يرتكبها رئيس الجمهورية وفق أحكام قانون العقوبات أيضًا. وتبقى الجرائم العادية التي يرتكبها رئيس مجلس الوزراء من صلاحية المحاكم العادية، التي تنظر فيها وفق قانون أصول المحاكمات الجزائية، وتطبّق عليها أحكام قانون العقوبات.».
بأي حال ،فإذا كان لمجلس النواب ، أن يتهم رئيس مجلس الوزراء والوزراء بارتكابهم الخيانة العظمى أو بإخلالهم بالواجبات المترتبة عليهم فإنه لا يجوز أن يصدر قرار الاتهام إلا بغالبية الثلثين من مجموع أعضأء المجلس،كما ان ملاحقتهم أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء دونها عقبات لأن الإحالة عليه، لا يمكن أن تتم إلا بناء على قرار اتهام يصدر عن مجلس النواب بأغلبية الثلثين وهي أغلبية كبيرة من الصعوبة بمكان توافرها ، فضلا عن أن قرار الإدانة في المجلس الأعلى يحتاج إلى تأييد عشرة أصوات من أصل خمسة عشر.
الجدير بالذكر ،انه كانت هناك محاولتان سابقتان لانشاء مجلس اعلى لمحاكمة الرؤساء لم يكتب لهما النجاح ، ففي العام 1966 أحيل مشروع قانون بهذا الخصوص على مجلس النواب، في عهد حكومة الرئيس رشيد كرامي، إلا أنه بقي نائما في أدراج المجلس ،وفي بداية الثمانينيات تقدم النائب الشهيد ناظم القادري باقتراح قانون بهذا الخصوص لم ير النور ، إلى ان تشكلت في العام 1987 لجنة خاصة، برئاسة نائب رئيس المجلس االنيابي الراحل ألبير مخيبر ، لدرس اقتراح القادري، وأنهت اللجنة دراستها وعرضتها على اللجان النيابية المشتركة، التي أضافت عليه تعديلات ، لكن بقيت دون أي تنفيذ عملي ،إلى ان كانت احد بنود وثيقة الوفاق الوطني .
أخير ، فإن المجلس النيابي السابق ،المنتخب عام 2009 ،كان قد انتخب الى المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء ووالوزراء كل من النواب : سمير الجسر، نقولا غصن، هادي حبيش، غازي زعيتر، ابراهيم كنعان، نقولا فتوش، وسيبوه قلبكيان، كما انتخب أعضاء رديفين كل من :مروان حمادة، نايلة التويني، ونوار الساحلي.