Site icon IMLebanon

عن الظاهرة الاولى للقضاء في لبنان..

 

 

من المفترض أن يسلك مرسوم «التعيينات الإنقاذية» لمجلس القضاء الأعلى هذا الأسبوع مساراً قانونياً، تأميناً لإستمرارية مجلس القضاء قبل انتهاء ولايته في 28 الجاري… وهذه التعيينات التي اقترحت اسماءها وزيرة العدل ماري كلود نجم، وصلت امس الى رئاسة الحكومة في مشروع مرسوم عادي ليوقّعه الرئيس حسان دياب، ليسلك بعدها الى بعبدا ليوقّعه رئيس الجمهورية.

 

فيما تعتبر وزيرة العدل أنّ هذا التعيين يشكّل مصلحة وجودية لاستمرارية المرفق العام، وليس للمصالح السياسية، توقعت مصادرها أن يوقّع رئيس الحكومة المرسوم، ليس لأن لا عائق قانونياً يمنعه من هذا التوقيع في مرحلة تصريف الاعمال، بل لأنّ المرسوم عادي وليس في حاجة الى انعقاد مجلس الوزراء ولا الى موافقات استثنائية، ولأنّ معايير اقتراحها لأسماء القضاة، كان الاستقلالية الإنتاجية والسمعة النظيفة. الّا انّ الأوساط الإعلامية القريبة من السرايا الحكومية ومن «بيت الوسط» سرّبت الأجواء الرافضة المرسوم شكلاً ومضموناً جازمة في أنّه لن يُوقَّع . بل أكثر من ذلك، اتهمت الوزيرة بأنّها تسعى من خلال هذا التعيين الى تأمين الثلث الضامن «الحلم» للعهد في مجلس القضاء. في المعلومات أنّ المرسوم تضمن إقتراح أسماء 4، علماً أنّ مروحة الاختيار مربوطة ايضاً بسقف النص الذي فرض معايير وصفات محدّدة، فشروط تعيين الأعضاء الخمسة لمجلس القضاء تتطلب:

1- قاضٍ من رؤساء غرف محاكم التمييز.

2 – رئيسان من غرف الإستئناف.

3 – رئيس من غرفة البداية.

4 – قاض رئيس وحدة في وزارة العدل أو من رؤساء احدى المحاكم.

 

وتفيد المعلومات انّ القضاة الذين اقترحتهم وزيرة العدل هم: القاضيان الرئيسان رلى الحسيني وسامر يونس (رئيسان من غرف الإستئناف) الرئيسة دانيا دحداح من غرفة البداية، الرئيسة جويل فواز رئيسة وحدة في وزارة العدل.

 

اما الخيارات في محكمة التمييز فكانت صعبة، لأنّها محدّدة برؤساء الغرف التي يترأس غالبيتها قضاة بالانتداب وليس بالأصالة.

 

توجّس من هيمنة للمجلس؟

واللافت انّ أجواء «بيت الوسط» ليست هي وحدها المتوجسة من التعيينات، بل أيضاً المصادر القضائية القريبة من النائب العام التمييزي التي تعتبر انّ السعي الى تعيين اعضاء لمجلس القضاء الاعلى على حدة، من دون إجراء تشكيلات لرؤساء الغرف في محكمة التمييز، قد ينتج منه تعيين غير مكتمل لأعضاء في مجلس القضاء، في غياب رئيسين للغرف ينبغي تعيينهما ايضاً في المجلس وإكمال عدده البالغ 10 اعضاء، مما يكون الهدف من ذلك الحؤول دون وصول قضاة كبار في محكمة التمييز الى مجلس القضاء، يكونون بطبيعة الحال على تناغم مع رئيس المجلس والنائب العام التمييزي ورئيس هيئة التفتيش القضائي. بمعنى آخر، انّ الهدف من هذا التعيين ليس الإبقاء على مجلس القضاء كمرفق عام وعدم إيقاعه في التعطيل، انما الهدف استبعاد القضاة الكبار عن القرار، وتعيين قضاة من درجات وسطية سيكونون آداة طيّعة في المواجهة بين رئيس مجلس القضاء والعهد على خلفية التشكيلات القضائية وقضية غادة عون.

 

وزارة العدل تردّ

وعلّقت مصادر وزارة العدل على ما سُرّب وعلى الاستنتاجات القضائية، موضحة لـ»الجمهورية»، ان لا نص او مادة في تنظيم القانون العدلي أساساً تقضي بأن يكون قاضي التمييز المنتخب او المعيّن على تناغم مع رئيس مجلس القضاء الاعلى، سواءً بتعيينه او بانتخابه… كاشفة في المقابل، انّ اسماء القضاة التي اقترحتها نجم قد اطلعت عليها أساساً رئيس مجلس القضاء الأعلى الذي لم يعترض عليها.

 

كذلك استغربت تلك المصادر، الحملة على وزيرة العدل وعلى اسماء القضاة المقترحين، فور وصول المرسوم الى السرايا الحكومية أمس، مصرّة على أنّ القضاة لا ينتمون الى اي جهات سياسية كما يتمّ الترويج له. وذكرت أنّ القاضية جويل فواز تحديداً، كان قد تّم تعيينها رئيسة هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل في عهد حكومة الرئيس سعد الحريري.

 

واضافت المصادر نفسها، انّ وزيرة العدل كانت فضّلت ان يكون مجلس القضاء مؤلفاً من 10 اعضاء وليس 8 وتعيين 5 وليس 4 اعضاء، وان ينتخب مجلس القضاء قاضيين وليس قاضياً واحداً فاز بالتزكية ولم يحصل انتخاب، أي الرئيس عفيف حكيم. وكشفت انّ وزيرة العدل تواصلت مع رئيس مجلس القضاء الاعلى وجميع المعنيين لهذه الاسباب، وطلبت ان يتمّ إجراء تشكيلات جزئية تستكمل ملء الشغور بتعيين قضاة رؤساء في غرف التمييز، بعدما احيل بعضهم الى التقاعد، أي 5 أو 6 غرف يُعّين لها رؤساء تمييز، فيصبح عندها في الإمكان انتخاب رئيسين عضوين في مجلس القضاء وفق الأصول، ويصبح في إمكان وزيرة العدل اقتراح اسم رئيس غرفة في محكمة التمييز وفق الاصول أيضاً، بعد ان ادّى الوضع القائم الى فوز رئيس تمييز واحد بالتزكية، في وقت يجب ان يكون هناك 3 رؤساء تمييز.

 

واكّدت مصادر وزارة العدل انّ نجم سعت الى هذا الامر لكنه لم يتحقق لاسباب عدة، علماً انّ الموضوع ليس في يد وزارة العدل، بل في يد مجلس القضاء الاعلى الذي عليه هو ان يبادر ويرسل المشروع الى وزارة العدل للتوقيع، بمعنى أنّ المبادرة يجب ان تنطلق من مجلس القضاء الاعلى، على عكس وضع المرسوم الحالي الذي رفعته نجم الى رئاسة الحكومة، وهو لا يتطلب موافقة مجلس القضاء بل تواقيع وزيرة العدل ورئيسي الحكومة والجمهورية.

 

امّا الكلام عن أنّ هدف وزارة العدل التي تسعى الى التعيين اليوم متسلّحة بالمادة 2 من قانون التنظيم العدلي، هو الهيمنة على الغالبية في مجلس القضاء، فهو كلام مردود وباطل، بحسب مصادر وزارة العدل، التي تساءلت عمّا هو الخيار البديل لوزيرة العدل لكي لا يقع مجلس القضاء الاعلى في الفراغ؟ واضافت: «يلوموننا إن اعتكفنا عن ممارسة واجباتنا الوزارية الوطنية والعدلية، وحين نمارس صلاحياتنا بكل ضمير ووطنية يسيّسون عملنا». وحذّرت من انّ «على المعنيين ان يختاروا، إما أن يكون هناك مجلس قضاء مؤلف من 8 اعضاء ليكتمل النصاب فيه، لأنّه يجب ان يتضمن 6 اعضاء وبالتالي ننقذه من الفراغ، وإما أن لا يكون هناك مجلس في المطلق، ليشكّل ذلك الظاهرة الاولى من نوعها للقضاء في لبنان».