Site icon IMLebanon

لئلا يغرق القضاء في مستنقع العهد

 

 

بينما يستمر العهد العوني في استعمال قضاء غادة عون للتشفي والاقتصاص من خصومه، في الادارة والامن واينما وجدوا، واهماً اتباعه المُضللين بانجازات مزيفة، يحققها في آخر أيامه القاحلة، على أبواب الانتخابات النيابية المقبلة، لم يكتف مجلس القضاء الاعلى، بتعميم خجول لوقف تجاوزات القاضية عون منذ اشهر، التي لم تمتثل اليه، وضربت به عرض الحائط، واستمرت بصياغة ملفات وتهم «غب الطلب»، وبتسليط سيف القضاء على رقاب كل المعترضين، او الرافضين الاندماج في مسيرة الفساد والفشل العوني، دون حسيب او رقيب. بل لوحظ بالايام الاخيرة، ان المجلس المذكور لم يكتف بغض النظر عن ممارسات وتجاوزات القاضية عون لمهامها وصلاحياتها، وتوظيف موقعها لغايات محض سياسية، وانما أعطى ملفاتها الملتبسة جواز مرور، بكل تجاوزاتها القانونية، واظهر ميلا واضحا لتغطية هذا النهج حتى النهاية.

 

ولذلك، لم تكن صدفة، اعادة اندفاع القاضية عون، لتزخيم اوامر ملاحقة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، في غمرة الحملة الشعواء التي يشنّها رئيس الجمهورية ميشال عون ووريثه السياسي النائب جبران باسيل ضده، تحت شعارات شعبوية مكشوفة، ثم الحقتها بملاحقة المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء عماد عثمان، وبذريعة ممجوجة ومتصلة بملاحقة الحاكم، باسلوب اقل ما يقال فيه، انه مناف لكل الأسس القانونية، مستفيدة من غطاء المجلس وموافقته، الامر الذي طرح جملة تساؤلات واستفسارات عن ابعاد هذه التغطية القضائية على هذا المستوى، في خضم الخلافات السياسية القائمة في البلاد.

 

قبلها اثار تغاضي مجلس القضاء الاعلى، عن مخالفة المحقق العدلي بتفجير مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار، بقرارته، اسس قانون ملاحقة الرؤساء والوزراء والنواب، المنصوص عنها بالدستور، في ملاحقة المشتبه بهم، بملف تفجير المرفا، عاصفة من التساؤلات الملتبسة، وما تسبب به هذا التصرف من اشكالات واضرار قانونية وسياسية على الوضع العام في البلاد.

 

بينما، كان بالامكان، حصر مفاعيل التوترات التي حصلت، لو ان المجلس تحرك بالوقت المناسب، ومارس صلاحياته، بتحديد صلاحية ومهمة المحقق بالملاحقات المطلوبة بملف مرفأ بيروت، ولكنه لم يفعل، وظهر وكأنه يميل الى الجهة السياسية ذاتها، التي توجه الملاحقات القضائية بحق الحاكم والمدير العام لقوى الامن الداخلي.

 

اليوم، اكثر من اي يوم مضى، فإن مجلس القضاء الاعلى، مطالب قبل أي وقت آخر، القيام بدوره وممارسة صلاحياته، ليس لكبح تجاوز القاضية عون لمهماتها ودورها ومخالفاتها الموصوفة، للاسس القضائية والقانونية فقط، وانما لمقاربة الملفات والقضايا المطروحة بعيدا عن استغلالها بالصراع السياسي الدائر، وبمعزل عن تصفية الحسابات والمكايدة السياسية، والا فإن إعطاء اجازة مرور، لملفات القاضية عون المعلبة، على النحو الجاري، بالتزامن مع اغفال ملفات فساد من جهات سياسية قريبة من دائرة العهد وحلفائه، لا سيما بقطاع الكهرباء وغيرها، او التهاون بملاحقة سليم عياش، المدان من المحكمة الدولية باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري،  يعني تخلي المجلس عن دوره ومهماته، وان «وراء الاكمة، ما وراءها»، وهذا بالطبع لن يؤدي إلى الحاق الاذى بدور وسمعة المجلس فقط، وانما بدور وسمعة القضاء اللبناني كله، وبسمعة لبنان على كل الصعد.