IMLebanon

«مرشد الجمهورية» والهروب من الداخلي إلى الإقليمي

غيّب الامين العام لـ»حزب الله» حسن نصر الله الشأن الداخلي عن خطابه الاخير، وكأنه يوحي بأنه سبق له ان قال كلمته ومشى في الشأن الرئاسي، وتتلخص حصرا بضمانة وصول حليفه النائب ميشال عون، وإلا فالفراغ مستمر حتى حسم الاوضاع الضبابية في الاقليم، الذي صال وجال في فضائه باعتبار محوره الممتد من ايران الى روسيا يحقق انتصارات حاسمة في سوريا.

وفيما يحتل ملء الفراغ الرئاسي الذي مضى عليه عشرون شهرا اولوية سائر القوى السياسية، خصوصا مع عودة الرئيس سعد الحريري الى بيروت وجهوده «كزعيم فعلي» لتحقيق نصاب جلسة انتخاب رئيس للجمهورية، وفق سياسي لبناني سيادي، لان الاهم حاليا «حماية لبنان» من اللهيب المستعر في المنطقة خصوصا مع انخراط «حزب الله» المستمر في الحرب السورية الى جانب الاسد. فقد تجاهل نصر الله، باعتبار نفسه «مرشد الجمهورية» وزعيما اقليميا عابرا للحدود، خشبة الخلاص التي مدّها له الحريري عندما رفض ان يقال ان الحزب لا يريد الانتخابات الرئاسية انما «يستمهل»، وتأكيده ان تيار «المستقبل» لن يقاطع اية جلسة انتخاب وهي الذريعة التي سبق لنصر الله ان تلطى خلفها حتى لا يؤمن نصاب انتخاب عون بعد ان تبنت ترشيحه «القوات اللبنانية«. 

فنصر الله المتحكم عمليًا بالساحة المحلية، عبر سلاحه والتعطيل، لم يجد مرجعية لتوصيف الملفات الاقليمية غير تقارير اسرائيلية مفادها «ان نكون اصدقاء مع السنة العرب»، والتي القى بثقلها على حكام عرب وشخصيات لم يجد اسما واحدا منها ليعرضه، وهو ما يرى فيه المصدر نفسه دليل ارباك وهروب الى الامام ومحاولة لشد عصب الطائفة التي ترزح تحت وطأة الخسائر البشرية في سوريا. ومن ابرز حججه على التواطؤ «تطابق بين الادبيات الاسرائيلية وبعض الإعلام العربي خصوصا السعودي والخليجي» متناسيا مثلا ان وزير الاستخبارات الايراني السابق حيدر مصلحي سبق له ان استشهد بقول رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو عن سيطرة ايران على اربع عواصم عربية.

فقد جال وصال نصر الله في فضاء الانتصارات الوهمية فيما الجهود تنصبّ على خفض سعير الفتنة الشيعية-السنية المستشرية في المنطقة جراء عنجهية ايران. واتى كلام نصر الله بتركيزه على «اهل السنة» وتواطؤ حكامهم مع اسرائيل كمن يصب الزيت على النار، وخصوصا أن اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري كان محطة تأسيسية لفرض هذه الفتنة كما تبين لاحقاً.

وخشية تطورات المنطقة بعد التمهيد لتدخل محتمل بري تركي- سعودي لمحاربة «داعش»، تحت مظلة التحالف الدولي، حاول نصر الله التقليل من اهمية هذه المستجدات التي لوحت روسيا بأنها قد تؤدي الى حرب عالمية. وقد تناسى كل حملة التشكيك التي شنها محوره قبل عام بشأن إمكان التدخل السعودي العسكري في اليمن.

فحملته المتجددة على السعودية شملت هذه المرة تركيا ايضاً، ووضعتهما الى جانب اسرائيل في السعي للتخلص من بشار الاسد. وقد شدد على ان اسرائيل تسعى لازاحة الرئيس السوري باعتباره «عمود خيمة المقاومة» متناسيا انها لطالما سعت مداورة للحفاظ على من أمّن مصالحها على مدى عقود عبر هدوء جبهة الجولان، باستثناء العنتريات اللفظية ومنها مؤخرا اطلاق المقاومة من هذه المنطقة من دون ان تنفذ حتى الآن عملية واحدة.

لقد اعطى نصر الله في خطابه اولوية لموقع اسرائيل، ملوحا بامتلاك ما يشبه القنبلة النووية بسبب صواريخه التي بإمكانها ان تطال مخازن غاز الامونيا في حيفا، في محاولة لاحياء مقاومة لم تنفذ اية عملية ضد الدولة العبرية منذ العام 2006 وحتى لم تثأر لكبار منها اغتالتهم تلك الدولة مؤخرا من سمير القنطار الى نجل عماد مغنية.