IMLebanon

فائض من الأسئلة الصعبة حول فيينا كلّ التعقيدات تصبّ في طاحونة الأسد

على رغم الإعلان عن خريطة طريق توصلت إليها المجموعة الخاصة بإيجاد حل للحرب في سوريا التي التأمت في فيينا للمرة الثانية السبت في 14 الجاري غداة التفجيرات الارهابية في العاصمة الفرنسية حيث بدت هذه الأخيرة حافزاً مخجلاً للدول المجتمعة لعدم الخروج بموقف عملاني في ما يخص الوضع السوري، فإن قراءة مضمون ما تم التوصل إليه لا يشي بإيجابيات فعلية كبيرة. فالثغرة الأساسية التي لا تزال تتصل بالخلافات العميقة حول مصير الرئيس السوري بشار الأسد تمنع تنفيذ بنود كثيرة تم التوصل إليها.

فانطلاقاً من البند المتعلق بوقف النار الذي تم الاتفاق على إصدار قرار في شأنه عن مجلس الأمن بإجماع الدول الأعضاء لا يتوقّع مراقبون معنيون احتمال تنفيذه أو القدرة على فرضه شأنه في ذلك شأن عدد من قرارات مجلس الأمن التي اعتمدت حول سوريا ولم تنفذ واستند إليها إعلان فيينا أيضاً. وكان لافتاً غداة هذا الموقف إعلان مسؤول أميركي في موازاة اجتماع قمة العشرين في انطاليا في تركيا الأحد في 15 الجاري ان الولايات المتحدة سلمت دفعة جديدة من الذخيرة لمقاتلين من التحالف العربي السوري الذي يحارب تنظيم الدولة الاسلامية. فإذا بسحر ساحر تم الاتفاق على وقف للنار بين النظام وداعميه من التنظيمات الدائرة في فلك إيران والمعارضة من جهة أخرى بكل فئاتها علماً ان وقف النار لا يشمل العمليات العسكرية ضد تنظيم الدولة، فهل ان هجوم هذا الأخير على مناطق أو قرى سورية في المقابل يفترض عدم الرد عليه أو خوض معارك ضده عملاً بالقرار الدولي حول وقف النار؟

في ما يتعلق بخلاصة ما تم التوصل إليه وهو الجدول الزمني للانتقال السياسي بموجب مفاوضات بين النظام والمعارضة تفضي الى حكومة انتقالية تحدد جدولاً زمنياً لكتابة دستور جديد تجرى على أساسه انتخابات جديدة بعد 18 شهراً، فإن الأسئلة الصعبة تكمن في كيفية امكان جلوس المعارضة مع نظام مسؤول عن قتل أكثر من 300 ألف سوري وتالياً المشاركة معه في حكومة ستكون حتماً تحت مظلته ما دام في موقع الرئاسة ولم يبت وضعه أو مصيره في حين أن مفهوم الحكومة الانتقالية يعني انها تكون بمعزل عنه ولا سلطة له وإلا كانت صيغة معدلة من الصيغ المتعددة التي طرحت خلال الأعوام الماضية عن إمكان إدخال بعض شخصيات المعارضة في أي حكومة مقبلة. ومن الأسئلة الصعبة تبعا لذلك كيف يمكن لرأس نظام وهو مستمر في موقعه أن يشارك في وضع دستور جديد لنظام يفترض أن يشكل بديلاً من النظام الذي يرأسه حتى مع فرضية أن يتم ترئيس المبعوث الدولي الى سوريا ستيفان دومستورا الاجتماعات المتعلقة بهذا البحث علماً أن الأسد يخوض للسنة الخامسة حرباً ضروساً ضد شعبه من أجل عدم تغيير النظام وتدعمه في ذلك إيران وروسيا. فاذا كان لبنان يعجز عن الاتفاق على قانون انتخاب لرفض أي طرف مؤثّر الا تكون له حصة الأسد قدر الإمكان من هذا الاتفاق ويضمن تحكمه بالأكثرية بحيث لن يوافق على أي قانون قد يلمح الى فوز خصومه، فهل سيرضى الرئيس السوري بدستور يطيح بنظامه أو بالأحرى يطيحه علما ان الاتفاقات المبدئية في الخارج تمت على المحافظة على النظام بهيكلية مؤسساته وعدم التضحية بها مما يبقي مصير الأسد ومحيطه المشكلة الأساسية؟

وفي ظل ارتباك المجتمعين وخلافاتهم على تحديد التنظيمات الارهابية في سوريا فإن إيلاء الأردن هذه المهمة لا يخرج عن إطار الأسئلة الصعبة باعتبار ان ذلك سيرتب على الاردن أن يدرج الى جانب تنظيم داعش والنصرة تنظيمات تموّلها دول عربية مثلاً أو أن يدرج التنظيمات الشيعية التي تعمل بإشراف إيران تحت هذا العنوان في ظل تصنيف لـ”حزب الله” وسواه سعودياً وحتى أميركياً ضمن خانة التنظيمات الإرهابية.

يقول مراقبون ديبلوماسيون إن إقرار المجتمعين بوضع عناصر خلافية في مقاربتهم للحرب السورية جانباً يترجم من جهة إصرارهم على ترجمة تقاربهم في وجه الإرهاب غداة العمليات الإرهابية في باريس وتعبيراً عن التضامن مع العاصمة الفرنسية، ويعبر من جهة أخرى عن الإعلان عن كل خطوة من الخطوات التي يتم التقدم فيها. فالعمليات الارهابية التي طاولت باريس بعد عمليتي التفجير في لبنان وتفجير الطائرة الروسية هي بمثابة النقطة التي طفحت بها الكأس بعد امتلائها أصلاً بموضوع اللاجئين خصوصاً ان من بين الانتحاريين من زار سوريا وعاد الى أوروبا. ولكن على رغم الزخم الذي أعطاه موضوع اللاجئين والإرهاب الى إعادة البحث دولياً وعلى نحو جدي في موضوع سوريا، فإن هذا الزخم ليس بالقوة الكافية لتذليل الخلافات أو الاتفاق على تقاسم المصالح وتوزيعها في سوريا لا دولياً ولا اقليمياً بعد. ويمكن تبين ذلك بوضوح في إعلان إيران وتركيا والسعودية مواقفهم بصوت عال الى جانب الدول الكبرى. ولا يمكن تالياً قراءة البنود المعلنة في فيينا الا في إطار انه اتفاق مبدئي مرحلي لكنه قد يكون غير محتمل التطبيق في ظل عدم التوافق على الخطوات اللاحقة وفي مقدمها مصير الاسد. وهذه النقطة الخلافية الأخيرة كررها مراراً أقطاب اجتماع فيينا في اليومين الأخيرين على نحو حجب فعلاً ما سمي خارطة الطريق أو الجدول الزمني لإنهاء الحرب السورية، فيما اجتماع النظام والمعارضة كان مفترضاً في تشرين الثاني وليس مطلع السنة الجديدة.