لن يهدأ هدير الطائرات الروسية في السماء السورية قريباً. ولا شيء يمنع امتداد العمليات العسكرية الجوية إلى السماء العراقية إذا قررت حكومة بغداد استبدال الخدمات والمساعدات العسكرية الأميركية بالعروض والإغراءات الروسية.
لن تهدأ المقاتلات SU-24 وSU-34 مِن دَكّ مواقع المسلحين المعارضين للنظام السوري قبل استعادة النظام كامل محافظة إدلب وتمشيط الجيوب المقاومة في ريفَي حماه وحلب.
هذا الهدف الحيوي لا تستطيع موسكو تجاوزه ولا التساهل في عدم إنجازه أياً تكن الأثمان والأسباب وذلك لضرورات عدة أبرزها:
أولاً: الوجود الروسي في سوريا ليس جديداً ولا طارئاً وإن كان تدخُّل روسيا في النزاع السوري مفاجئاً. والقاعدة الروسية في طرطوس تشكل خطاً أحمر في سلم مصالحها الاستراتيجية في المنطقة. وبالتالي لا تستطيع موسكو أن تتعايش مع وجود مسلّحي المعارضة السورية على مشارف اللاذقية وتحديداً على بعد نحو ثلاثين كيلومتراً منها في جبل الأكراد، ما يُشكّل تهديداً لوجودها على الساحل السوري.
ثانياً: لا يمكن أن تتغاضى موسكو عن الوجود القوي لمسلّحي المعارضة السورية في محافظة إدلب حيث من الممكن أن يتقدموا نحو الساحل أو في اتجاه دمشق، في أي وقت إذا ما توافر لهم دعم خارجي محتمل. لذلك تعتبر القيادة العسكرية الروسية منطقة إدلب وضواحيها بمثابة خط دفاع أساسي لحماية الساحل ومصالحها الاستراتيجية في آن معاً.
ثالثاً: تحصين حدود الدولة السورية الجديدة من دمشق الى حلب، فالحدود التركية شمالاً، بما يضمن استمرار اتفاق إنشاء القاعدة البحرية في الساحل السوري، منذ العام 1970.
غير أن مصادر النظام السوري وحلفاءه يروّجون أن المعركة الراهنة لن تقف عند حدود إدلب ولا حلب، وإنما ستتواصل لتشمل كل سوريا، وإن المدة المتوقعة لحسم الحرب عسكرياً لن تمتد أكثر من 6 الى 8 أشهر.
في المقابل، تخالف مصادر غربية هذه التوقعات مشيرة الى الاعتبارات الآتية:
1- إن سلاح الجو الروسي وحده بِلا تدخُّل عسكري برّي روسي لا يُعتبر كافياً لحسم الحرب.
2- إن القوات النظامية سبق لها أن ربحت معارك عدّة ضد المسلحين وضربت كثيراً من المواعيد للحسم وإنهاء القتال، ولكنها عادت ومُنيت بهزائم وخسائر فادحة، وإن لعبة الكرّ والفرّ هي القاعدة وستتكرّر في المرحلة المقبلة.
3- إن اللاعبين الدوليين والإقليميين المناهضين للنظام السوري لم يكشفوا أوراقهم في المواجهة الجديدة، وإن مفاجآت قد تحصل وتقلب الأمور رأساً على عقب. وعلى سبيل المثال، إذا تمّ تزويد المعارضين بعشرة صواريخ متطورة أرض – جو، أو إرسال عسكريين متخصصين في إطلاق مثل هذه الصواريخ، في مهمة سرّية إلى مناطق القتال، هذا التطور من شأنه أن يُعيد حسابات القيادة الروسية ويردّ موازين القوى الى ما كانت عليه قبل التدخّل الروسي.
اللعبة في سوريا تبدّلت وأصبحت أكثر تشويقاً، لكنها لم تنتهِ، والمفاجأة الروسية قد تُقابلها مفاجآت.