وأخيراً أيقن الجميع أن كل الطرق لإنجاز الإستحقاق الرئاسي مقطوعة، ما دامت كل التسويات الإقليمية لم تنضج بعد. ولن يفيد خلط الأوراق في التسابق الى تبنّي ترشيحَي العماد ميشال عون والنائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية في فتح أبواب قصر بعبدا قريباً.
كذلك لن تنفع الإجتهادات في تفسير الإنقلابات، ولا المكابرة في تقديم التنازلات، ولا المزايدة في تغيير الحسابات والإستراتيجيات.
«حزب الله» و«القوات اللبنانية» وعدد من النواب المستقلين يؤيدون عون، فيما الرئيس نبيه بري والرئيس سعد الحريري والوزير وليد جنبلاط يُفضّلون فرنجية.
«حزب الله» لن يضغط، أو يطلب من بري وجنبلاط وفرنجية إنتخاب عون، وقد أعلن أمينه العام السيد حسن نصرالله أنه مع إنتخاب رئيس لا يشعر معه أحد بأنه انكسر.
وبرّي لن «يرمي» الحريري والمكوّن السنّي خارج الإستحقاق والمعادلة الوطنية. وفرنجية لن ينسحب. وكذلك عون. ولن يؤمِّن أحد نصاب الثلثين لعقد جلسة إنتخاب رئيس ما لم يتأكد من فوز مرشحه.
والحريري الذي لم يهدأ في البحث عن حل لإنهاء الشغور الرئاسي، سبق له أن فاوض عون وأيّد فرنجية، وطرح في نهاية كانون الثاني 2013 مبادرة من أربع نقاط تمحورت حول إجراء الإنتخابات النيابية في موعدها على أساس الدوائر الصغرى، وإنشاء مجلس شيوخ، وإقرار اللامركزية الإدارية الموسعة، والإحتكام إلى الدستور في حل الخلافات السياسية. غير أنه تمّ تجاهلها.
اليوم، هناك من يدعو الحريري الى تفجير مفاجأة جديدة بتبنّي ترشيح عون، خصوصاً أن الزمن هو زمن مفاجآت، فيقلب كل الموازين والحسابات.
في السياسة، كل شيء ممكن ومُباح.
لكن لو كانت المعطيات الخارجية التي تلعب الدور الأساس في إعطاء الدور الأخضر لانتخاب رئيس في لبنان، تسمح بتغيير «الستاتيكو» الراهن، لكان الحوار الثنائي بين «تيار المستقبل» و«حزب الله» لعب دوراً متقدّماً في هذا السياق.
الإنتخابات اللبنانية ليست أولوية دولية وإقليمية الآن، وكل ما يهم الدول المؤثرة، في هذه المرحلة، هو الحفاظ على الأمن والإستقرار لكي تنصرف أجهزتها الدبلوماسية والأمنية الى مهماتها الإقليمية، خصوصاً السرّية منها.
والسلم الأهلي، وضبط الإحتقان المذهبي، هما وظيفتا الحوار بين «حزب الله» و«تيار المستقبل» لتقطيع المرحلة في انتظار جلاء غبار الحرب في سوريا واليمن والعراق.
«جنيف 3» لن يكون نزهة، والحل السياسي لن يولد بذراع روسية ودبلوماسية أميركية تفتقد قوة الدفع مع اقتراب إنتهاء ولاية الرئيس باراك أوباما.
الإنجاز الذي يمكن أن يُسجّله اللبنانيون، في هذا الوقت، هو إزالة النفايات قبل أن تضرب «زيكا».