Site icon IMLebanon

مفاجآت و«سياحة» في مؤتمر الطاقة الإغترابية

 

مفاجآت عدة «أثقلت» كاهلَ مؤتمر الطاقة الاغترابية Oceania الذي انعقد في سيدني ليومين، وكادت أن تُحوّل نظرَ وبصيرةَ المتابعين والمشاركين والمنتشرين، وحتى فريق العمل، عن الهدف منه. غير أنّ المفاجآت الأخرى الأكثر أهمّيةً والغنية مضموناً وفرادةً أضافت إليه «ثِقلاً» إبداعياً اغترابياً لبنانياً خلّاقاً منتشراً في البلاد الواسعة، فأعادت تصويبَ البوصلة إلى الهدف الأساس والقضية الأهمّ «قصّة اللبنانية» Libanity» في العالم.

وقبلَ الحديث عن المفاجآت بدا أنّ مؤتمرات الطاقة الاغترابية باتت تشكّل مناسبات وطنية ينتظرها كثير من المنتشرين حول العالم للتلاقي، لأنها رفعَت منسوبَ التواصل بين اللبنانيين على أصعدة عدة؛ اجتماعية واقتصادية، وفَتحت آفاقاً جديدة لمشاريع مستقبلية تقوم على الشراكة مع الاغتراب.

وتمثّلت المفاجآت اللوجستية والانتخابية بالآتي:

«القوات»

أمّا المفاجآت السياسية فهي:

وأضاف: إنّ هذا القرار كان ينبغي أن يُتّخذ قبل خمسة أشهر ليستفيد منه الجميع. وأشار إلى «أنّ المسجلين لن يقترعوا جميعاً، إذ إنّ مهلة الـ 40 يوماً لا تكفي لإقناع المغترب اللبناني بالتسجيل وبتجديد جواز سفره والمشاركة في الانتخاب، وكان الأجدى وضع خطةٍ مسبَقة لأنّها أمرٌ جديد جداً على المنتشرين، فالذي غادر لبنان منذ 30 عاماً وعمرُه 50 لم ينتخب مرّةً في حياته حتى اليوم، فكيف يمكن إقناعه في خلال 40 يوماً».

ورأى عبَيد «أنّ المسجّلين في سيدني هم أولاد القضية، أي الأحزاب، وهم الوحيدون الذين سينتخبون. أمّا الباقون فلن ينتخبوا وليست الدولة بقادرةٍ على إقناعهم لأنّها لم تهتمّ بالمغترب منذ زمن. إلّا أنّ الذي أنعشَ الأرض هُم الأحزاب فقط. والجميع يَعلم ويُخبر عن قدرة «القوات اللبنانية» في هذا المجال، وفي سيدني تحديداً.

مِن جهته، رئيس قطاع «التيار الوطني الحر» جوزف طوق، نفى المقاطعة المسيحية للمؤتمر، مؤكّداً أنّ «القوات اللبنانية» كانت مشاركة فيه، مضيفاً «أنّ الجميع يَعلم أنّ للقوات التمثيلَ المسيحيّ الأكبر في أستراليا وفي سيدني، مشيراً إلى «أنّ الكتائب مقاطِعة للأسف لأسبابٍ نَعرفها، و»المردة» أيضاً، إلّا أننا نأسف لأنّ مؤتمر الطاقة الاغترابية هو لبنانيّ بامتياز وليس سياسياً، فالسِلك الدبلوماسي هم من يقيمونه، والمشاركون مِن كلّ الطوائف والانتماءات وهم وطنيون بامتياز.

المشاركة الشيعية

وفي ضوء مقاطعةِ بعضِ الأحزاب المسيحية للمؤتمر، لم يكن مستغرَباً عدم مشاركة حركة «أمل» فيه، ولكنّ ذلك لم يعنِ عدم مشاركة المغتربين الشيعة في أستراليا فيه، إذ إنّ عددهم لا يمكن الاستهانة به. وكان أبرز المتكلّمين في إحدى حلقات المؤتمر رئيس المجلس التجاري الأسترالي العربي الدكتور حسن موسى الذي تحدَّث لـ»الجمهورية» عن أهميته وعن مبادرات مماثلة سابقة، وقال: «لهذا المؤتمر تخصُّصِيّة واضحة ومواضيع تهمّ الأستراليين واللبنانيين معاً. وقد جئنا للبحث في سبلِ التواصل الحقيقي بين لبنان وأستراليا، والذي لا ينبغي أن يكون تجارياً صرفاً على رغم من أنّ التجارة تبقى المفتاحَ لكلّ المجالات، بل هناك أيضاً التواصل الثقافي والحضاري والبيئي. ونحن كأستراليين لبنانيين قد نكون البنّائين الفاعلين لتعزيز هذا التبادل بين أستراليا والبلدان العربية، وبين أستراليا ولبنان تحديداً، لأنّنا نعلم طريقة العمل، وهناك آفاقٌ كبيرة للتواصل».

وأضاف: «السياسة تعوق مشاريعَنا وأهدافنا، وأنا لا أعتبر نفسي هنا شيعياً أو مسيحياً أو مسلماً، بل مواطن لبناني أسترالي من أصول لبنانية يشارك في عملية إنجاح التواصل بين لبنان وأستراليا، وأعتقد أنّ المقاطعة لا تفيد في هذا الوضع، وإنّني أرفض المشاركة في المؤتمر على أساس عوائق الطوائف».

وذكَّر موسى بـ»أنّنا هرَبنا من لبنان بسبب تلك العوائق، ونحن نرفض أن تلحقَ بنا إلى هنا بعد خمسين عاماً من الاغتراب».

الإشتراكي

وبدوره رئيس قطاع الحزب التقدمي الاشتراكي في سيدني الدكتور وائل أبو الحسن علّقَ على أهمّية مشاركة الأحزاب السياسية في مؤتمرات الطاقة الاغترابية، فقال: «إنّ الهدف الأساسي من هذه المؤتمرات هو تبادُل الخبرات اللبنانية والاستفادة منها لمصلحة الجميع ولمصلحة الوطن»، مشيراً إلى أنّ ما لفَته مطالبةُ جميعِ المتكلمين في حلقات الحوار بالاستقرار السياسي في لبنان «ليشجّعوا على الاستثمار فيه أو للعودة إليه». وقال إنّ وصية وليد جنبلاط للمغتربين هي الحرف: «لا تنقلوا مشكلاتِ لبنان السياسية إلى الاغتراب، أعطوا لبنانَ مِن الاغتراب وجهاً جميلاً». ونحن ملتزمون هذا الشعار، ونحن من دعاةِ الحوار وإنْ كانت لدينا مواقفُ سياسية مغايرة، فإنّنا لا نقاطع. ويجب حلُّ سوءِ الفهم السياسي في لبنان لأنّ ما حصَل في أذربيجان ليس لائقاً. وصحيح أنّ في سيدني لم يكن الأمر كذلك، إنّما كانت المشاركة لتكون أكبرَ بكثير لو حُلّت المسألة السياسية».

السفير

مِن جهته سفير لبنان في سيدني ميلاد رعد، قال لـ»الجمهورية»: «إنّنا لم يكن في وسعنا تقديرُ عددِ المشاركين في المؤتمر بسبب ضيقِ الوقت. إلّا أنّنا سُرِرنا بالنتيجة لأنّ العدد فاقَ الألف. أمّا بالنسبة إلى ندوات الحوار فالجميعُ يَعلم أنّ الحضور لا يكون كثيفاً خلالها مثلما يكون في الجلسة الافتتاحية أو الختامية».

وأكّد «أنّ النتيجة جيّدة إذ لا يمكن نسيان بُعدِ المسافة بين لبنان والبلاد الأسترالية التي تلعب دوراً مهمّاً في إبعاد المغتربين جسدياً عن وطنهم إلّا أنّهم لم يبتعدوا بقلوبهم، والدليل لهفتُهم الدائمة إلى الاهتمام بشؤون لبنان واللبنانيين، والدليل أيضاً العدد الكبير الذي تَسجّلَ للانتخابات النيابية، إذ يبلغ 11 ألفاً من أصل 92 ألف لبناني تسجَّلوا في العالم».

تسجيلُ حضورٍ لبناني

وتقول المسؤولة عن «المؤسسة المارونية للانتشار» في سيدني فاديا غصن «إنّ أهمّية المؤتمر تكمن في أنّه جَمع الجالية من خلال تبادلِ الخبرات في كلّ القطاعات، ويكفي لقاء المجموعة للقول إنّنا ما زلنا قادرين على الاجتماع»، مشيرةً إلى «أنّ تسجيل اللبنانيين مِن أهمّ أولوياتنا، ونحن نسعى إلى تفعيل دورهم في تسجيل اللبنانيين، وما يعوقهم هو المدّة الزمنية لعودة المعاملات من لبنان، إلّا أنّها في اطار الضبط وقد تحسّنت بعدما أثبَتت المؤسسة صدقيتَها وبعدما أدخِل إليها مشروع الأكاديمية اللبنانية، وهي تعتني بإرسال شبّان وشابات أستراليين من أصول لبنانية كلّ سنة على نفقة المؤسسة لاكتشاف لبنان بلدِهم الأم».

مفاجآت باسيل

وكانت لباسيل مفاجآته على هامش المؤتمر، إذ قدّم خلال خلوةٍ مع بعض الإعلاميين الأستراليين من أصول لبنانية والإعلاميين المرافقين عرضَين للمغتربين اللبنانيين الذين فاتهُم قطار التسجيل للاقتراع في الانتخابات؛ الأوّل «ممارسة السياحة الانتخابية» في 6 أيار في لبنان، والثاني «ممارسة السياسة الاغترابية» عبر المشاركة في مؤتمر الطاقة الاغترابية المركزي الذي سيُعقد في لبنان في 10 و11 و12 من الشهر نفسِه.

أمّا المفاجأة السياسية فكانت ردُّه القاسي اللهجة على تعليق وزير المال علي حسن خليل الذي اتّهَمه بـ»تسميم الاغتراب»، فقال: «إنّ من يزرع السموم في الاغتراب هو من يتكلم عنها ببشاعة فيسمّمها أكثر عندما ينطق بالسموم، أمّا هو بالنسبة إليه فقد أصبح تطهير الاغتراب إدماناً». وأشار إلى «ضرورة تحييد ثروات لبنان عن السموم الطائفية مِثل الثروة الاغترابية وأيضاً النفطية والبيئية وعدم التفاخر بإحباطها عبر بثِّ السموم السياسية».

المفاجأة التي خبّأها باسيل حالياً بحجّة أنّ إثارتَها ستُؤزّم البلد وهو يتردّد في إثارتها، الغالبُ أنّها ستكون مشروع العلمنة الذي وضَع له خريطتَه منذ زمنٍ بهدف إلغاء الطائفية السياسية، وهو مشروع قانون أعدَّه منذ مدةٍ طويلة بهدفِ إنشاء الدولة المدنية وإلغاءِ الطائفية السياسية.

وعن إلغاء الطائفية السياسية يقول باسيل إنّ الجميع يعارضها، ولكنّ الحقيقة ستتبلوَر بعد أن يتقدّم بـ»مشروع قانون الدولة العلمانية» أو «المدنية»، مؤكّداً أنه «واثق مِن أنّ الجميع سيعارضه تحت ذرائع عدّة». ولكنّه أوحى بأنّه مصمّم على «رفضِ الاستسلام لحكمِ الأمر الواقع والذهنية السياسية البالية التي تُنصّب الزعماء مالكين للبلاد المقيمين فيها، فلا يحقّ للزائر دخولها أو زيارتها من دون إذنٍ من المالك»، لافتاً إلى «مبدأ المحاصصة المتفشّي حتى في اقتسام ملكياتِ المناطق اللبنانية» وقال: «يجب إيقاف هذه المنظومة والتنفيعية».

أمّا عن التسهيلات في السياسة المصرفية تجاه المنتشرين اللبنانيين فقال باسيل: «إنّ الذهنية السلبية السائدة للمواطنين المقيمين في لبنان تجاه أيّ تسهيلات لغيرِهم ولو كانوا من أصول لبنانية، أي المنتشرين، هي التي تعوق ربّما ثقة المنتشر بوطنه وبدولته»، وتمنّى على اللبنانيين «القبول بتخصيص هؤلاء بامتيازات، مصرفيةً كانت أو غيرها، لحضِّهم على العودة».