قرار كاميرات المراقبة في قاعات الإمتحانات الرسمية هو قرار لزيادة الهدر في الدولة، وغير مناسب، فمنذ سنوات عديدة والأساتذة يراقبون الإمتحانات ويضعون حدّاً للغش الذي يحصل في بعض الصفوف. ممرنا بهذه المراحل ولم نكن نجرؤ على التحرّك في الصفّ خلال الإمتحان ولا على النظر لا يميناً ولا شمالاً لأن المراقبين كانوا بالمرصاد وعملوا بجدّية وصرامة! فهل بالضرورة صرف مبالغ طائلة لزرع كاميرات لهذا الهدف أم أن الهدف آخر؟
أولاً، هذا القرار ليس إلا بهدر، وهو ليس من المشاريع المهمّة في هذه الدولة، لأن وجود الأساتذة في قاعات الإمتحانات يكفي، فلماذا كل هذه الفلسفة الجديدة التي لا معنى لها ولا ضرورة لها. طالما أن الوضع “محاصر” من قبل المراقبين، لا حاجة ماسّة لهذه الكاميرات التي تعتبر هدراً ووسيلة لإخفاء أعمال فساد جديدة.
ثانياً، ألا يعتبر هذا القرار إهانة للأساتذة الذين يراقبون بجدّية، ففي حال كانت أدوارهم غير ضرورية، لماذا إذاً وجودهم خلال الإمتحانات الرسمية بعد “زرع” كاميرات المراقبة؟ فالكاميرات هي “زيادة” لا تنفع على وضع “محصور” و”مراقب”، فإما المراقبين إما الكاميرات، لكن الأهداف أكبر من المراقبة بكثير في دولة لا تتقن إلا الفساد وأعمال الفساد التي تزيد من الهدر. والسؤال الآخر، هل تثق الدولة بالأشخاص المخوّلين مراقبة الشاشات المتّصلة بالكاميرات في مختلف المراكز والمدارس وبجدّية عملهم وخصوصاً إذا كانوا على مثال “الموظفين” في قطاعاتها؟
ثالثاً، لماذا تتشاطر الدولة فقط على المواطن، وعلى الموظّفين في مختلف المؤسّسات؟ ولماذا لا تطبّق قانوناً لزرع كاميرات في الوزارات والإدارات الرسمية؟ هل تعتقد دولتنا العزيزة أن الموظّفين والعاملين في المراكز العائدة لها يعملون ب”ضمير” ويتمّمون الأعمال على أكمل وجه؟ ماذا عن “الصبحيات” وعن الدوامات “الحرّة”؟ ماذا عن اجتماعات مجلس النواب أو الحكومة، فهل لمحت يوماً فيها الجدّية والعمل المتقن؟
لتراقب الدولة الموظّفين التي تحميهم، لتراقب مَن ساهموا في زيادة “حجم الفساد” في هذا الوطن، ولتكفّ عن اختراع المشاريع والخطط التي لا معنى لها لا في الحاضر ولا في المستقبل. فالمواطن لا يغشّ، وإذا غشّ “يكون “غشّه” بسيطاً، إنما هي ومن فيها… أصحاب الغشّ الكبير والإحتيال العظيم!