تناولتُ في هذه الزاوية، وفي مقالات عديدة، وبالذات في الأيّام الثلاثة الأخيرة، الحملة الجانية التي يشنها إعلام فريق 8 آذار على دول الخليج العربي، مع التركيز على المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت والبحرين، وهي حملة ممنهجة، مدروسة، موزّعة أدوارها، وطبعاً ليست مجانية، خصوصاً وأنّ «مردودها» لا ينحصر في السياسة على كل حال.
والملاحظ أنّ الحملة تركّزت في الأيام الأخيرة على دولة الإمارات العربية المتحدة تحت عناوين مختلفة: فتارة تتناول ما تسمّيه «احتلال الإمارات لليمن»، وتارة أخرى تتناول تحريض سلطنة عُمان على الإمارات من خلال اليمن أيضاً بادعاء قيام الإمارات بسلسلة من «الأعمال العدائية» ضد السلطنة، وطوراً تخترع أعمالاً حربية غير حاصلة أساساً مثل «ضرب الإمارات الموانئ و… سرقة الغاز»! الى أن يصل الخيال بأصحاب الحملة الى حدّ اتهام الإمارات بما يسمّونه خلاصة تتعمّق يوماً بعد يوم لدى «جميع اليمنيين» (وليلاحظ القارئ كلمة «جميع») حيال مهمة الإمارات في «تدمير اليمن بصورة كلية».
والحقيقة أنّ أصحاب الحملة أنفسهم لا بدّ أنهم لا يصدّقون هذه الأقوال والفبركات مكشوفة الأهداف، معروفة الغايات.
إننا نرفع الصوت عالياً لنقول وبالفم المليان، وعلى رؤوس الأشهاد: إننا لا نتردد في الإعلان عن أنّ هذه الحملة ساقطة، فالمضمون الذي تنطلق منه يبدو «كومة» من الترهات الساقطة، والإدعاءات الفارغة، والأهداف المبيتة.
نقول هذا ليس دفاعاً عن الإمارات التي لا تحتاج الى مَن يدافع عنها، إذ إنّ لها من صدقية حكامها، ورشادة قيادتها، وقوة حضورها على الساحتين العربية والدولية ما يجعل الحملات كلها ترتد على أصحابها «كناطح صخرة»(…) إنما نقوله دفاعاً عن لبنان، لأنّ مثل هذه الحملة الجانية تستهدف لبنان قبل أن تتطاول على دولة عربية شقيقة لم تكن، في أي يوم من الأيام، ومنذ تأسيسها على يد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وإخوانه حكام سائر الإمارات وفي طليعتهم المغفور له حاكم دبي الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم… لم تكن إلاّ سنداً للبنان في السراء والضراء، فهي التي تحتضن مئات آلاف اللبنانيين الذين يلقون في ابوظبي ودبي وسائر الإمارات حسن الوفادة وطيب الإقامة وكرامة الإنخراط في مجتمع العمل والإنتاج.
أضف أنّ الإمارات، مثلها مثل المملكة العربية السعودية والكويت، وقفت دائماً وأبداً الى جانب لبنان في المحافل الدولية داعمة قضاياه، مسهمة في ازدهاره، وادعة الأموال في المصرف المركزي عندما عزّت الودائع.
إنّ أقل ما يُطلب من لبنان الدولة والشعب هو شكر الإمارات على ما تقدّمه لهذا الوطن، وليس التحامل عليها ورشقها بالشائعات الكاذبة الصادرة عن الأحقاد والضغائن وأيضاً عن سداد الفواتير لأعداء الأمة وفي مقدّمتهم إيران الفارسية، ولا يفوتنا أن نرى وراء هذه الحملة الجانية المتجنية أيضاً إمارة قطر التي مارست قرصنة جوية غير مسبوقة، إذ أرسلت طائرتين حربيتين لتعترضا طائرة مدنية إماراتية في استعراض أقل ما يُقال فيه إنّه مارق ودليل على البحث عن دور ولو بأي وسيلة… وبدلاً من أن ترتكب الدوحة هذه الفعلة الشنيعة كان مفترضاً بها أن تعمل على رأب الصدع مع الدول العربية بدءًا بدول الخليج وصولاً الى مصر…
وكلمة أخيرة: إنّ للإمارات رباً يحميها وقيادات رشيدة تقودها بالتفاني والحكمة في معارج التطوّر والرفاه وريادة العصر.