Site icon IMLebanon

العواصف المستدامة

 لبنان في عين العاصفة دائماً، إن لم تكن مناخية من فعل الطبيعة، تكون سياسية من فعل الانسان اللبناني، الخارق لمفاهيم الطبيعة في غالب الأحيان، إنه بلد العواصف المستدامة…

وأمام العاصفة الثلجية الآتية من أوروبا الشمالية الشرقية التي تجتاحنا الآن، هناك عاصفتان سياسيتان، من وارد الجوار الأقرب والأبعد، يوم الخميس جلسة قد تكون عاصفة لمجلس الوزراء، حددها الرئيس سلام من دافوس في سويسرا، لاختبار مدى التزام بعض الأطراف بمبدأ تفعيل عمل الحكومة. وأرفق الدعوة بتصريح كان عليه أن يدلي به، لتصحيح خلل موقف وزير الخارجية في مؤتمر وزراء الخارجية العرب في القاهرة، ثم في مؤتمر وزراء خارجية دول المؤتمر الاسلامي في جدة، حيث نأى بلبنان عن الاجماع العربي والاسلامي المندد بالتعرض للسفارة السعودية في ايران، وهو ما أدانه المرشد الأعلى السيد علي خامنئي نفسه، وأضاف سلام الى التنديد بالاعتداء على السفارة، الاشارة الى العبث الايراني بالبلدان العربية، الأمر الذي أثار حفيظة النائب نواف الموسوي فردَّ على سلام بالرشق على السعودية. وأرفق الرد بتعليقات توحي باعتزام وزيري حزب الله التضامن مع وزيري التيار الوطني الحر، في حال رفضهما المشاركة بجلسة الخميس الحكومية، نتيجة عدم طرح موضوع التعيينات العسكرية على جدول الأعمال…

وقد وزع جدول الأعمال الفضفاض وليس فيه ذلك البند، إنما إشارة الى إمكانية طرحه من خارج جدول الأعمال، في حال تم التوافق على أسماء الضباط. والتوافق على اسمي الضابطين الأرثوذكسي والكاثوليكي أندر من لبن العصفور في هذا الزمن السياسي المشحون.

يضاف الى ذلك، غياب الثقة بين الأطراف، ففريق التيار الحر، الملتزم بعدم حضور جلسات مجلس الوزراء قبل اجراء التعيينات العسكرية، يضغط بالمقاطعة تسريعاً للتعيينات، من أجل التخلص من المقاطعة الحكومية، وصولاً الى المقاطعة النيابية، اللتين شوهتا التزامه بالدولة والمؤسسات وبدأت تؤثر على صورة مرشحه الرئاسي.

بالمقابل، يتمسك الفريق الآخر بحصرية تسمية أعضاء المجلس العسكري بوزير الدفاع بناء لاقتراح قائد الجيش، ووزير الدفاع يقول ان الأسماء طبعت على الورق، وهو بانتظار جلسة مجلس الوزراء ليبنى على الشيء مقتضاه.

لكن الرئيس تمام سلام لم يضع التعيينات على جدول أعمال جلسة الخميس حتى يضمن التوافق عليها مسبقاً، إنما أبقى مجال طرحه من خارج الجدول مفتوحا، لأنه في حال أدرج على الجدول وغاب وزراء التيار وحزب الله، فقد يطرح الموضوع على التصويت بغيابهم، وتفوز لائحة الوزير، الأمر الذي يقول حزب الله والتيار ان دونه عواصف كثيرة وخطيرة…

وبعد عاصفة الخميس الوزارية، تبدأ التحسبات لعاصفة الثامن من شباط، موعد الجلسة الجديدة لانتخاب رئيس الجمهورية، والتي لا تبدو أفضل من سابقاتها، رغم تبني الدكتور جعجع لترشيح العماد عون، ورغم اتصال كسر الجليد من جانب عون الى الحريري، فالأول شكر الثاني على مباركته للصلحة في معراب، والثاني ردّ مذكّراً بضرورة النزول الى مجلس النواب في الثامن من شباط، دون أي وعد أو عهد، ثم سارع للاتصال بالنائب سليمان فرنجيه مؤكداً دعمه، تجنباً لتأويل الأحاديث…

على أي حال أوساط ١٤ آذار تؤكد منذ اليوم ان جلسة الثامن من شباط، مرشحة للاخفاق، ومع ذلك فان نواب هذا الفريق سيحضرون الى المجلس، كما في كل جلسة منذ أيار ٢٠١٤، ولكن هل سيحضر نواب التيار الوطني وحزب الله؟…

وبالتالي هل من مؤشرات على بدء انحسار عاصفة المقاطعة للاستحقاق الرئاسي، بعد انضمام الدكتور جعجع الى داعمي ترشيح العماد عون؟

عملياً خريطة الترشيحات الرئاسية باتت واضحة، فالقوات ترشح عون والمستقبل يرشح فرنجيه وجنبلاط يرشح هنري حلو، بينما يلمح حزب الله الى العماد عون من دون أن يسمّيه، منذ ظهور نجم فرنجيه، ومعنى ذلك اننا أمام طبخة بحص…