Site icon IMLebanon

ساعة الحقيقة

 

 

انتُخبَ أمس قائد الجيش العماد جوزيف عون رئيساً للجمهورية، وفي مطلع خطاب القسم الذي ألقاه أمس قال «أيها الشعب الحبيب، لقد وصلنا إلى ساعة الحقيقة»، ثم تحدّث عن الأداء السياسي والسياسات الاقتصادية والشؤون الاجتماعية ومفهوم الديموقراطية وحكم الأكثرية وحقوق الأقليات وغيرها من المواضيع المهمة، والتي تتعلق بدولة المؤسسات التي يتمناها كل لبناني يريد فعلاً الخروج من الأزمات التي يعاني منها البلد منذ عقود. كما تناول عون موضوع المساواة بين المواطنين معلناً أن «العدل هو الفاصل وهو الحصانة الوحيدة بيد كل مواطن وهذا عهدي».

 

 

يتعرّض لبنان منذ 14 شهراً لعدوان إسرائيلي مستمرّ أدى إلى استشهاد آلاف اللبنانيين في الجنوب والبقاع والضاحية والجبل والعاصمة بيروت، وبينهم مئات الأطفال والنساء والشيوخ والمعوّقين. وبينهم أيضاً عشرات الشهداء من الضباط والعسكريين في الجيش اللبناني والدفاع المدني وأعضاء مجالس بلديات منتخبين وصحافيين. كما أدى العدوان إلى جرح الآلاف وتحويل عدد كبير منهم إلى معوّقين مقعدين مكفوفين مبتوري الأطراف. ودُمّرت البيوت والقرى والبلدات وقُصفت صور وبعلبك والنبطية بوحشية أدت إلى خراب واسع.

 

وبما أن رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن (المادة 49) ربما كان مفيداً أن يتوجّه إلى أمّهات آلاف الشهداء اللبنانيين وأولادهم وذويهم لأنهم قدموا كل ما لديهم دفاعاً عن لبنان ليس لأن معظمهم ينتمون إلى طائفة محدّدة ومذهب محدّد، بل لأنهم جزء لا يتجزأ من الوطن مثلهم مثل باقي اللبنانيين.

 

 

قال الرئيس الجديد: «عهدي أن نعيد إعمار ما هدمه العدوان الإسرائيلي في الجنوب والبقاع والضاحية وجميع أنحاء لبنان بشفافية، وبإيمان أنّ شهداءنا هم روح عزيمتنا» وفي ذلك لفتة تستحق التقدير من جميع اللبنانيين خصوصاً الذين فقدوا أحبتهم ودُمّرت بيوتهم. ومن الأفضل التوجه إلى الجنوبيين الذين تكرر العدوان الإسرائيلي عليهم مرّات عدة منذ ما قبل 1978 وعاشوا عقوداً من التهجير والتعذيب والقهر، خصوصاً بعدما انقلب بعض عناصر جيشهم اللبناني في السابق إلى ميليشيا في خدمة الاحتلال. ربما كان مفيداً طمأنتهم في خطاب القسم بأن ذلك لن يتكرّر أبداً وأن عدم ورود ثلاثية الشعب والجيش والمقاومة لا يعني التخلّي عن حمايتهم بكل الوسائل والسبل المتاحة. ربما كان مفيداً كذلك التوجه إلى آلاف المعوّقين ووعدهم بالعلاج والمتابعة والعناية. فهؤلاء ومعهم مئات آلاف اللبنانيين المنكوبين والفقراء والمحرومين والمستضعفين يحتاجون إلى من يحتضنهم ويعتني بهم ويؤمّن حاجاتهم ويحميهم.

 

 

تمكن الجيش اللبناني الذي قاده رئيس الجمهورية المنتخَب، خلال المدة السابقة التي شهدت انقسامات عميقة وخطيرة بين اللبنانيين، من الحفاظ على وحدته. ويعتبر الجيش رمزاً لمؤسسات الدولة التي تجمع كلّ اللبنانيين بغض النظر عن تنوعهم واختلاف مواقفهم. وربما هذا ما يمثل حافزاً وأملاً عند المواطنين الذين يتأملون بمستقبل أفضل مع الرئيس الجديد. وبما أن وحدة اللبنانيين والتفافهم حول الدولة هما الأساس، فقد يكون مفيداً أن يزور الرئيس الجديد عائلات الشهداء لمواساتهم واحتضان أولادهم.