Site icon IMLebanon

الديناميت السويدي والبارود العربي

 

في الإلتباس التاريخي بين العرب والصين حيال اختراع البارود، يرجِّح المؤرخون أنْ يكون العرب هم الذين اخترعوا البارود وقد استخدموه في حرب غرناطة سنة 1275.

ولأنَّ في اختراع المواد القاتلة واستخدامها يكون أيضاً اختبار لمستوى الحضارة عند الإمم، فإنَّ الكيميائي السويدي «ألفرد نوبل» قد اخترع مادة الديناميت، إلّا أنّه تعويضاً رهَنَ ثروته لتأسيس جوائز أدبية وعلمية وطبّية بهدف السلام، بينما العرب في المقابل قد وظّفوا اختراعهم للتقاتل العربي والإنساني، ومن أجل اغتيال السلام بمادة البارود.

عندما تنهزم جوائز الأدب والطب والفيزياء والكيمياء وجوائز السلام التي أسَّسها «ألفرد نوبل»، تزدهر جوائز التخلّف والتقهقر والتقاتل، وجوائز الحروب التي أسَّسها ويؤسسها العرب.

على أنَّ الحروب في التاريخ لم تكن شديدة الشراسة بسبب اختراع البارود والديناميت، بقدر ما كانت شراسة الغرائز والشهوات طاغية على القيم والإنسانيات لتحقيق المصالح التوسعية والإقتصادية.

الحرب العالمية الأولى كان سببها الإقتصادي مرتبطاً برغبة دول أوروبا العظمى في التوسع سعياً وراء المواد الأولية واستثمار مناطق النفوذ أسواقاً لتصريف المنتوجات.

والحرب العالمية الثانية كان من أبرز أسبابها توسُّعُ الدول العظمى الى ما اعتبرَتْه «المدى الحيوي»، لأنَّ اقتصادها لا يفي بحاجة السكان.

والأسباب الإقتصادية فرضَتْ أيضاً ما يُعرف بحرب الممرات: ممّر المانيا الى البلطيك بمهاجمة بولونيا، وممر روسيا الى البحر الأحمر بمهاجمة تركيا، وممر قناة السويس بهجوم شنَّته إنكلترا وفرنسا وإسرائيل على مصر سنة 1956.

وهكذا كان مضيق «هرمز» عصب الصراع الذي نشب بين إيران والعراق، والذي يشكل ممراً نفطياً يوزع براميل الذهب الأسود على أكبر مجموعة دولية في العالم.

وهذه الممرات إذا أُقْفلتْ أمام آبار النفط التي يدور حولها الصراع العالمي، تصبح مادة محروقة في أرضها، ولو لم يكن للبئر التي أُلقيَ فيها يوسف منفَذٌ وممَّر، لما انُتِشلَ منها ليُغْدِق المواسم على فرعون.

هذه المسببات التاريخية للحروب هي نفسها تنتصب اليوم في المواجهات الدولية القائمة في المنطقة، إلّا أنّ المفارقة بين الذين صنعوا البارود وصنعوا الديناميت، هي أن بلاد صناعة الديناميت تخوض الحروب لتنمية اقتصادها وتصريف إنتاجها، فيما بلاد صناعة البارود تدمّر ذاتها الإنسانية وطاقتها الحيوية ببارودها.

وإذا كانت الحرب تُصنعَ للوصول الى السلْم، كما يقول ألقديس أوغسطينوس، فإن العرب يخوضون الحرب للوصول الى الحرب، وما همَّ أن تحترق «روما» في غمارها وتتساقط الأرواح وينتحر التاريخ، المهمّ أن يقال إِنَّ الحاكم هو البطل.