Site icon IMLebanon

السويداء و القرار التاريخي

لولا جريمة قرية قلب لوزة التي ذهب ضحيتها الابرياء على يد مسؤول عسكري ارعن من “جبهة النصرة ” وتفاعلاتها، وتزامنها مع حصار مطار الثعلة العسكري عند الحدود الفاصلة بين محافظتي السويداء ودرعا، لما خفف الثوار في الجبهة الجنوبية من زخم هجومهم لاسقاط هذا الموقع الاستراتيجي المهم الذي يفتح الطريق نحو خط الاوتوستراد بين درعا ودمشق. لقد استغل النظام عبر الضخ الاعلامي والشغل المخابراتي على الارض نقطة ضعف ابناء السويداء والفوضى الامنية في المحافظة، ولاقته منظومة سياسيين قصيري النظر في لبنان مع فضائيات عاملة لحساب ما يسمى محور “الممانعة” لنشر الخوف في نفوس ابناء جبل العرب، مما دفعهم الى التورط في قتال اخوانهم الثوار وابناء حوران لكي تسبغ على معركة تحرير سوريا من نظام الاسد صفة الحرب على “الاقليات”. ولكن بمرور ساعات تبين من خلال اتصالات بين قوى فاعلة في السويداء واخرى فاعلة في حوران وعاملة في اطار تحالف الفصائل ان لا خطر على جبل العرب إلا من فخاخ النظام ومنتسبيه المحليين. وفي النهاية تجدد القتال حول مطار الثعلة الذي فهم البارحة انه لا تراجع عن اسقاطه ايا تكن الاعتبارات، على اساس انه هدف عسكري، وان ابناء جبل العرب ليسوا مستهدفين اليوم ولا في المستقبل.

ان لغة العقل البارد ينبغي ان تتغلب على محاولات النظام وجماعاته لتوريط ابناء السويداء في معركة ضد الثوار، وخصوصا انهم، أي أبناء السويداء ما كانوا يوما ضد الثورة. صحيح ان الغالبية لم تشارك في الثورة، ولم تنتفض، لكن الصحيح ايضا ان الكثيرين انخرطوا في الثورة بطرق مختلفة: بعضهم قاتل، وبعضهم الآخر ساند ماديا واعلاميا، وبعضهم الثالث شكل شبكات تموينية لدعم صمود اهل حوران، وبعضهم الرابع عالج جرحى الثوار سرا وأخفاهم في بيوته بعيدا من أعين المخابرات، اما بعضهم الخامس فقد قاوم النظام من طريق احباط محاولاته ومحاولات منتسبيه المحليين واللبنانيين تجنيد الشباب في القتال ضد جيرانهم. وقد اعتراف النظام بان عدد المتخلفين عن التجنيد الالزامي بلغ في المحافظة وحدها سبعة وعشرين الفا، مما اضعف كتائب الاسد، عاكسا مزاجا شعبيا في السويداء يتعاطف مع الثورة، ولكنه يميل الى تحييدها عن الفوضى الامنية والاذى دون الخضوع لابتزاز النظام ومنتسبيه.

ان ابناء السويداء ليسوا مع النظام. هذه حقيقة. لكن تطور الوضع على الارض، وتقدم الثوار على جبهة حوران وبلوغهم طريق درعا – دمشق، وسعيهم الى التقدم شمالا لحصار العاصمة، تتطلب التفكر في الوضع مجددا. فالابقاء على القديم، بمعنى ان تبقى للنظام قوات مقاتلة في محافظة السويداء تمارس مهماتها الاجرامية انطلاقا من المحافظة ما عاد ممكنا كما كان يحصل. وهنا لا بد من وقفة صارمة لابناء محافظة السويداء للاستيلاء على مواقعها، والاستحواذ على اسلحتها وذخيرتها، وبعدها اغلاق المحافظة وتحييدها ايجابيا تجاه الثوار. انه زمن الخيارات الصعبة، وابناء السويداء اهل الخيارات الصعبة والتاريخية، لان سوريا تتحرر.