لم أُفاجأ بالإهتمام الكبير الذي تلقى به قراء «الشرق» ما كتبتُه أمس في «شروق وغروب» عن الجروحات التي فتحها كلام الرئيس السويسري، ضيف لبنان، عن الكثير الذي يجمع بين بلده وبلدنا. فهذه الزيارة فتحت جروحات لم تندمل، ولن تندمل، على الأقل مع جيلنا الذي عاش لبنان الذي كان سويسرا الشرق ذات حقبة من الزمن أسقطها الواقع الذي آلت إليه أحوالنا منذ أن حلّ الجيل الذي يطيب لي أن أصفه بـ «الهجين» في المواقع القيادية، في مرحلة ما بعد الحرب.
لقد نجحت القيادات الهجينة في ضرب مقومات هذا الوطن الفريد، الذي إن لم يكن لبنان سعيد عقل حرفياً، إلاّ أنه كان الوطن الفريد بين أوطان المنطقة. والفرادة في معناها الإيجابي.
وهذا ما عبّر عنه القراء، بعضهم بحسرة وحرقة و… بدمعة صادقة أيضاً مثل السيدة وفاء (…) التي قالت: إنني لم أقدر أن أتغلّب على دموعي وقد استعدت في خاطري ذلك الزمن الجميل. زمن الهناء والصفاء كما تقول أنتَ في غير مقال.
أمّا القارىء أحمد (…) فكتب يقول: عبثاً أبحث عن مواطن الجمال في موطني! فهل شحّ منّي النظر، أو أنّ تلك المعالم الجميلة قد اندثرت؟ أو أن حجاباً صفيقاً من التمادي في الجهل والفساد قد غطّى عليها فحجبها عن النظر؟
وغرّد الدكتور أنطوان (…): أنا لست من جيلكم، ولكنني أعرف تلك المرحلة من روايات والدتي والمرحوم والدي اللذين كانا يتلوان علينا فعل إيمان بلبنان «الذي كان» بقدر ما كانا يتلوان علينا الصلوات قبيل النوم.
السيدة جيهان (…) قالت: هل صحيح أننا كنّا «وطن النجوم»؟ هل صحيح أنّ ملكة جمال أوروبا كانت تنتخب في كازينو لبنان حتى من قبل قيام الإتحاد الأوروبي؟ هل صحيح أن جامعاتنا اللبنانية خرّجت أبرز القادة والمفكرين في دنيا العرب؟ هل صحيح أنكم كنتم تنعمون بازدهار لم يكن متيّسراً لشعوب بلدان عديدة في الإقليم وخارجه؟ هل صحيح أن عملتنا الوطنية كانت لها قوة شرائية كبيرة؟ هل صحيح أنّ الليرة اللبنانية كانت تُقبل وتعتمد في أوروبا ومعظم بلدان العالم؟
وقال عمر (…): كنت قرأت لك ولسواك أنّكم معشر الصحافيين كنتم تتعاملون مع أركان الدولة معاملة الند للند، فلم يكن بينكم وبينهم ثمة حواجز. وكذلك قرأت لكم أن كبار المسؤولين كانوا ينفقون من جيبهم الخاص على المنصب والموقع الذي يشغلونه. فسقى اللّه ذلك الزمن.
قال وليد (…) أنتم المسؤولون. أنتم أعني أنتم أهل الإعلام. وأريد أن أذكرك بقولك مرات عديدة أنكم في هذا الزمن حوّلتم المؤسسات الإعلامية الى متاريس دفاعاً عن هذا المسؤول أو ذاك الزعيم أو ذلك القيادي وتحوّلتم أنتم الى ميليشيات! فكيف تنعون الزمن الجميل وأنتم أسهمتم في إنعاش الذين قضوا عليه وأقاموا هذا الزمن الرديء.
(…) بصراحة لا تتسع هذه العجالة الى المزيد من آراء القراء الأعزاء ولكنني أختمها بما همسه في أذني مسؤول كبير: أنا معك في كل كلمة كتبتها.