Site icon IMLebanon

السيف في مواجهة الخنجر… والدم العربي يُطرّز آخر قطبة في سجَّادة التفاهم

بدأت «احتفالية» إبرام الإتفاق النووي بالدم القاني، تمّ اختيار التوقيت، فصدرت الأوامر، وحددت ساعة الصفر، وانطلقت قاذفات التحالف الإقليمي باتجاه صنعاء، فيما انطلقت قاذفات التحالف الدولي باتجاه تكريت. لم تعد المفاوضات صانعة الحدث بل الطائرات.

لم تدخل إيران المعركة مباشرة، بل كلّفت الحوثي بإدارتها، في حين أنّ الخليجي اضطرّ الى إشهار سيفه في مواجهة الخنجر اليمني، لكن متى يعيده الى غمده؟ وكيف؟ وبأيّ ثمن؟ الجواب قطعاً لن يكون في شرم الشيخ، بل عند الذي يُنتجه التفاوض بين إيران والـ5+1.

كان على القمّة العربية أن تبحث بتشكيل قوّة مشتركة لإنقاذ شرعيّة عبد ربّه منصور هادي، وإذ بتحالف إقليمي من عشر دول يفرض نفسه. كان عليها أن تحضّ على الحوار في الدوحة، والتسوية في الرياض، وإذ بها تفاجأ بأن لا صوت يعلو فوق صوت المعركة، ولم يبق لديها سوى العدّاد يسجل عدد الجولات، والطلعات، والقذائف، والقتلى، والجرحى، والنازحين.

بعض الدبلوماسيين يرى أنّ كلّ شيء مدروس، وانّ السعودي ما كان ليشهر سيفه في وجه الخنجر الحوثي إلّا بعد التنسيق مع واشنطن. إلّا أنّ البعض الآخر يرى أنّ الأميركي لا يمكن أن يعطي الخليجي إلّا بما يرضي الإيراني، ربما تكون حفلة إبرام الإتفاق تحتاج الى هذا الكمّ من الانشغالات في توليد الأزمات؟!.

كلّ الإتصالات الدوليّة مشوّشة، وما فهم منها مريع، على القمّة أن تقرأ جيداً في كتاب التسوية، لا في كتاب الفتنة، خرج الخنجر اليمني في ظرف دقيق، ووضع ملتبس في اتجاهات عدّة، لا ليعود من حيث انطلق، بل لينجز رزمة من المهام التي تمّ التفاهم بشأنها ما بين الأميركيين والإيرانيين، ودوّنت في كتاب الإتفاق حول النووي.

وخرج السيف الخليجي من غمده، لا ليعود كما انطلق، بل ليمسك باليمن من بابها حتى محرابها، فهل ستسمح له التوازنات الجديدة؟!. لم يعد الجواب ملك الكولسات، بل في أرض المعركة.

يحاول الكلّ أن يقرأ، ولكن قلّة هي التي تعرف أن تختار الكتاب. يحاول الرئيس فؤاد السنيورة ان يقرأ في كتاب وجدانه بعد أن أقسم اليمين، فيردّ عليه الرئيس نبيه بريّ «الحوار حتما؟!». تحاول بعض الكتل القراءة في كتاب «تشريع الضرورة»، ويأتي من يذكّرها: وهل أصبح الإستحقاق الرئاسي خارج حتميّة الضرورة؟!.

تتوجّه لجنة من العسكرييّن الى المجلس النيابي لتبحث بموضوع السلسلة، فيما الجيش بخيرة ضبّاطه وجنوده منتشر على طول السلسلة دفاعاً عن الأرض والعرض. كتابه واضح، عناوينه «مانشيتات» شفّافة على صفحة الإستقرار الأمني.

أعظم ما حققه اللبنانيّون في زمن «الداعشيّة» تفاهمهم على عيد وطني جامع في 25 آذار من كلّ عام، وأعظم ما ابتدعوه وأنجزوه في زمن «التوحّش» وحدتهم في ذكرى بشارة السيّدة العذراء مريم، سيّدة لبنان، وحامية الكيان.

ولكن هذا لا يكفي لأنّ الإرهاب على الحدود ويتربّص بالداخل، وبدلاً من أن يحترم كتاب الثوابت، والصيغة، والميثاق، يحاول أن يحرقه مستفيداً من بعض الثغرات في الجدار الوطني المتداعي.

أبعد من «داعش» هناك سيوف مسلولة، وخناجر تلمع فوق الرؤوس، وموجات جديدة من العنف في العراق، في سوريا، على الحدود اللبنانية – السوريّة، وفي الخليج.

لقد خطف الحوثي الأضواء، لكن من سمح له بذلك؟ ومن شجّعه على العبث بالأولويات في منطقة هي حكماً منطقة النفوذ الأميركي؟ من «تَشتَشهُ»، و«دَلّعه» ليرسم بخنجره حدود المستقبل في اليمن والخليج كبديل عن القلم.

قد يكون الأخير ضرورة في لحظة ما لإبرام الإتفاق ما بين الإيراني، والمجموعة 5+1، ولكن يبدو أنّ السيف أصدق إنباء من الكتب هذه الأيام، ماذا يخطّ الحوثيّ بخنجره؟ وماذا ذهب السيف الخليجي ليفعل، هل للدفاع من موقع الهجوم، أم لتبديل الأولويات الأميركيّة – الإيرانيّة، ووضع الهلال السنّي في مواجهة الهلال الشيعي؟!.

السيف في مواجهة الخنجر، فيما الأميركي يحوك مع الإيراني آخر القطب في سجادة التسويات، ومواقع النفوذ والمصالح. لن يعود الخنجر الحوثي الى وسطه قبل أن يبلغ الوجهات المحددة، ويحقق الأغراض المرسومة. ولن يعود السيف الخليجي الى غمده قبل أن يحقق الشعارات التي يرفعها… باختصار إنه التفاهم الأميركي – الإيراني الذي يصاغ بدماء عربيّة؟!.