IMLebanon

«سايكس بيكو» سقط وهذه مُؤشراته

الحلم الاميركي بشرق اوسط جديد الذي عبّرت عنه بوضوح وزير خارجية الولايات المتحدة الاميركية كوندوليزا رايس في عهد الرئيس جورج بوش الابن، بدأ تطبيقه عملياً لحظة تغيير مسار انتفاضة الشعب السوري من «سلمية… سلمية» الى عسكرة الانتفاضة قولاً وفعلاً، بعد مواجهة التظاهرات السلمية بالحديد والنار، والانشقاقات العسكرية والسياسية التي حصلت وغرق سوريا بالدماء، خصوصاً عندما فتحت الحدود امام الوف المقاتلين غير السوريين، من مذاهب مختلفة، واجتياح تنظيم «داعش» التكفيري، لمدن وبلدات وقرى عراقية وسورية قدرت مساحتها بحوالى 70 الف كلم مربع – أي سبع مرات اكبر من مساحة لبنان، وظهر بوضوح ان الشرق الاوسط الجديد يعني عملياً انهيار «اتفاق سايكس بيكو» الذي رسم حدود عدد من الدول العربية، بينها لبنان، بعد انهيار جزء من الحدود بين العراق وسوريا، وبين لبنان وسوريا، على يد التنظيمات التكفيرية التي تدعو الى احياء «الدولة الاسلامية» في حدودها ايام الخلافة وانهيار الحدود، ليس وحده المؤشر على ان المنطقة العربية موضوعة حاليا فوق طاولة التشريح والتقطيع، فالتمدد الايراني باتجاه الدول العربية، احد المؤشرات وكذلك حرب اليمن، ومسارعة المملكة العربية السعودية وحليفاتها دول الخليج، للتدخل العسكري في اليمن لوقف التمدد الايراني الى اكثر من اليمن، واضعاف نفوذها في العراق وسوريا ولبنان والبحرين، والجديد في المؤشرات، بعد التغييرات التي اجراها العاهل السعودي سلمان بن عبدالعزيز في مناصب القيادة المؤثرة، ما يحكى عن تدخل برّي لا بد منه لمنع الحوثيين وقوات علي عبدالله صالح من الاستيلاء على عدن ومناطق اخرى استراتيجية، كما ان سقوط مدينة جسر الشغور في ايدي التنظيمات المسلحة، يرسم علامة استفهام حول مصير محافظة اللاذقية ذات الاكثرية العلوية، وهل يتوقف المسلحون امام ابوابها افساحاً في المجال لرسم خريطة سوريا المقسمة، ام انهم يجتاحونها ويهجرون العلويين الى شمال لبنان حيث هناك اعداد كثيرة من مذهبهم، خصوصا في عكار وطرابلس، دون ان ننسى التحضيرات التي تتم من الجانبين، السوري وحزب الله من جهة، والتنظيمات الارهابية من جهة ثانية، لحسم مصير معركة القلمون ذات الاهمية الاستراتيجية الكبيرة، اما «المؤشر» الاخطر والاوضح، فهو موقف لجنة القوات المسلحة في الكونغرس الاميركي، التي اشترطت على الحكومة العراقية، ان تضع حدا للمسلحين الشيعة، واشراك السنة والاكراد في الحكم، مقابل الموافقة على تقديم مبلغ 715 مليون دولار للحكومة العراقية، وإلا سوف تقدم ثلثي المبلغ الى الاكراد والسنة بصفتهما دولة، على اعتبار ان الكونغرس لا يقدم مساعدات لافراد او جماعات بل لحكومات، وهذا الموقف يخفي بالطبع حلم واشنطن باعادة تقسيم المنطقة العربية.