IMLebanon

رمزية 13 تشرين

لاشك في أنّ الحشد الذي لبّى نداء العماد ميشال عون، أمس، الى التلاقي على طريق القصر الجمهوري في تقاطع مناطق بعبدا – الحازمية، الريحانية كان لافتا ربّما أكثر ممّا حملته كلمة زعيم التيار الوطني الحر من معاني… إذ كانت الجماهير تنتظر منه موقفاً حاسماً متوافقاً مع ما روّجت له وسائل الإعلام الكثيرة من أن الخطاب سيحمل «موقفاً فاصلاً» كما قيل وتردد مراراً وتكراراً على إمتداد الأيام الأخيرة في مختلف وسائل الإعلام.

فالمضمون جاء لافتاً بقراءة العماد عون خطابه المكتوب باللهجة المحكية، حرصاً منه ومن الجهات التنظيمية في التيار على عدم الوقوع في دعسة ناقصة. ولكنه لم يتضمن «الموقف الفاصل»، إذ هو إستعادة للمواقف المعروفة في المرحلة الأخيرة. إلاّ إذا اعتبرنا أن عبارة «هالحكومة كان لازم تروح من زمان»، هي إشارة ضمنية، أو تلويح غير مباشر بإمكان اللجوء الى الإستقالة من الحكومة، وهذا موقف لا يمكن أن يتفرد به التيار إذ يفترض أن يكون بالتوافق مع الحلفاء وأبرزهم حزب الله.

الى ذلك يمكن الإشارة الى أنّ الحشد جاء متوافقاً مع الإشارات الآتية:

أولاً – إن ذكرى 13 تشرين الأول، في يوبيلها الفضيّ (25 عاماً: من 1990 الى 2015) تحمل نوستالجيا ذات مشاعر لا يمكن إخفاؤها يختلط فيها الشعور بالقهر بالشعور بالحرقة على الشهداء من الجيش والمدنيين بالشعور بالرغبة في إثبات الوجود بالشعور بالخيبة الأخيرة من فشل تسوية الترقيات.

ثانياً – إن «العونيين» (غير المؤطرين داخل حزب التيار الوطني الحر) أرادوا إبلاغ رسالة الى من يعنيهم الأمر بأنهم يشكلون حال قائمة بذاتها. وهذا ما تبيّن من خلال إرتدائهم قمصاناً موحدة الشكل حملت عبارة «عونيون».

ثالثاً – إنّ ذوي العسكريين من الجيش الذين سقطوا شهداء في ذلك الثالث عشر من تشرين (1990) تدافعوا الى تلبية النداء لأسباب عديدة أبرزها رمزية مكان التجمع الذي يعني الكثير لهم ولمن لا يزال حاضراً وناشطاً من الضباط والجنود. وفي هذا السياق لم تكن مصادفة أن يذكّر الجنرال بأن أول ما قام به إثر عودته من المنفى في العام 2005 كان وضعه إكليلاً من الزهر على ضريح الجندي المجهول.

رابعاً – كان لافتاً حضور النائب آلان عون وعقيلته، مع مجموعة من مؤيديه، وهو موقف إقتضى إشارة في الخطاب الى شقيق العماد المرحوم «أبو نعيم» عبر رسالة وجهها إليه عندما كان لايزال في السفارة الفرنسية. ومعروف أن نعيم عون يشكل حال في التيار كانت تمتاز بمواقفها، خصوصاً في مرحلة الإنتقال بالرئاسة من العماد الى الوزير جبران باسيل.

خامساً – إنّ الجنرال عون قادر على الحشد الشعبي، هذه حقيقة لا يجادل فيها إثنان، إلاّ أنّ للحشد يوم أمس دوراً ووظيفة في إظهار ان القاعدة الشعبية للجنرال (عونيين ومحازبين) لا تزال متماسكة في مرحلة الرئيس جبران باسيل، وهذا في حد ذاته إختبار كان ثمة إصرار على إبراز نتائجه.

يبقى أن المطلوب الآن الإنتقال بلبنان من حال المراوحة السلبية بالفراغ الرئاسي الى تفعيل قصر بعبدا بانتخاب رئيس للجمهورية وليس فقط تفعيل الحكومة ومجلس النواب.

فالمطلوب الآن من القادة السياسيين في لبنان أن يعترفوا بعضهم بالبعض الآخر، وأن ينتخبوا رئيساً للجمهورية لأن الوطن بات في حاجة ماسّة الى «حج خلاص».