IMLebanon

سينودس المطارنة الموارنة: مشاكل «الرعاة» لا الرعيّة

تبدأ غداً خلوة السينودس السنوية للمطارنة الموارنة. لن تكون مشاكل الرعيّة الشغل الشاغل لـ «الرعاة»، وإنما كيفية احتفاظ كل منهم بموقعه تحت عباءة «الراعي» الكبير

يستعد المطارنة الموارنة لخلوة السينودس السنوية التي تبدأ غداً الثلاثاء، وعلى جدول أعمالها بند واحد، يتبعها بعد أسبوعين سينودس للمطارنة الكاثوليك الذين لم يستجب بطريركهم بعد لطلب الفاتيكان منه الاستقالة.

وتوضع بعدهما انتخابات الرهبنة اللبنانية (الكسليك) على نار حامية.

يبدأ السينودس الماروني في بكركي بخلوة روحية يلقي عظاتها الرئيس العام لجمعية الآباء المرسلين اللبنانيين الأب مالك بو طانيوس، وتستمر حتى يوم السبت. أما الاثنين، فيبدأ المجمع الإداري الذي يرى أن أوضاع البطريركية الإدارية بألف خير، فلا يرد على جدول أعماله سوى بند واحد يتعلق بانتخاب خلف للنائب البطريركي المطران بولس صياح، بحكم بلوغه سن التقاعد. وكان البطريرك بشارة الراعي قد طرح عشرة أسماء، من بينها الأب سليم صفير والمونسنيور جوزف فخري والأب جوزف نفاع والأب أنطوان عوكر. لكن لا أحد ــــ غير الراعي ـــ يعلم من يريد الراعي نائباً له. علماً أن انتخاب صياح حصل بموجب اتفاق عقده المطارنة قبيل انتخاب الراعي بطريركاً يقوم على انتخاب راعي أبرشية جبيل سابقاً بطريركاً وصياح نائباً له. إلا أن الأخير لم يستفد من هامش القوة الذي منحه المطارنة له حين انتخبوه بهذه الطريقة، وهو ما يدفع بعض المطارنة إلى التفكير في وجوب اقتراح وضع تحديد وظيفي للنائب البطريركي، فلا يكون أشبه بمطران على مكّة كما كانت الأمور في عهد صياح. علماً أن في بكركي اليوم نموذجين من النواب البطريركيين: الأول ديناميكي يتمتع بحماسة كبيرة ولا يكلّ من البحث عمّا يمكن أن يفعله هو المطران بولس عبد الساتر (مواليد أيلول 1962) الذي خلف المطران جوزف معوض بعد انتخابه مطراناً لأبرشية زحلة قبل بضعة أشهر. والثاني لم يحقق ما كان مرجواً منه، هو المطران حنا علوان الذي ينصحه المقربون منه بالعودة إلى روما بعدما أفقدته بيروت الهالة التي كان محاطاً بها حين كان في روما، خصوصاً أنه المعاون البطريركي للشؤون القانونية، فيما لم تكن الشكاوى من المحاكم الروحية علنية كما هي اليوم.

أما «خارج جدول الأعمال»، فهناك بنود كثيرة يفترض أن تحضر في اجتماع المطارنة، لا علاقة للقضايا الاجتماعية والمعيشية والاقتصادية بها:

أولها، ملف راعي أبرشية صيدا المطران الياس نصار الذي لا يزال «لا معلق ولا مطلق»، على حدّ وصف أحد المطارنة، بحكم الخوف من قلب نصار طاولة المجمع على الجميع وكشف ما يقول إنه يعرفه. وتشير المصادر الكنسية إلى أن تعيين راعي أبرشية بيروت المطران بولس مطر زائراً على أبرشية صيدا أخيراً سبقته عدة تدابير من هذا النوع، وهو لا يمثل أبداً قراراً بطريركاً جديّاً. فالجدية تقتضي إقالة نصار أو الاعتذار منه ومعاقبة كل من يهينه، سواء داخل أبرشيته أو خارجها. مع العلم أن المحكمة التي شكلتها بكركي عام 2013 برئاسة المطران حنا علوان، خلصت في حزيران 2014 إلى طلب إجراء مصالحة بين نصار والكهنة، وإلغاء المشاريع السكنية التي كانت تشيد بإشراف المطرانية لوجود شكوك بشأنها، وعزل سكرتيرة المطران الآنسة نانسي الحاج، لكن جميع التوصيات لم تنفذ.

ثانيها، ملف مطران بيروت منذ عام 1991 بولس مطر الذي مدد له بعد تجاوزه السن القانونية، وينتظر أن يمدد له مرة ثانية في ظل تجنب الراعي فتح باب المشاكل التي سيثيرها الصراع على خلافته باعتبار أبرشيته الأكبر والأثرى. وهو ما سيحول أيضاً وأيضاً دون ضخ دم جديد وتوفير الديناميكية المطلوبة بحجة الاستقرار دائماً والخشية من المواجهة.

ثالثها، أزمة أبرشية طرطوس اللاذقية بعد الفشل الكبير في معالجة الخلل فيها، وتغيير مطرانين في عامين، إلا أن المطران الكسروانيّ الأخير أنطوان شبير، لا يكنّ وداً كبيراً للنظام السوريّ من جهة، ولم يستطع محاصرة الخلافات داخل أبرشيته من جهة أخرى.

رابعها، أزمة كندا التي تواجه مطرانها بول مروان تابت مشاكل وشكاوى متعددة.

في ظل إجماع المتابعين للسينودس الحالي على أن مشاكل المطارنة الخاصة تشغلهم عن كل شيء آخر، لا يتمحور الهمّ اليوم حول إنجازات سكنية أو تربوية أو اجتماعية، بل يكاد ينحصر في حفاظ كل مطران على موقعه، في ظل تفاقم الاعتراضات الشعبية والاستخدام المستجد الكبير لمواقع التواصل الاجتماعي في كشف ما كان مستوراً. ويبدو واضحاً في هذا السياق أن خشية المطارنة من كرة الثلج تدفعهم إلى تجاوز خلافاتهم السابقة والتضامن في ما بينهم.

أما مجمّع المطارنة الكاثوليك، فكان يفترض أن يتعذر انعقاده بحكم مقاطعة غالبية المطارنة لبطريركهم غريغوريوس الثالث، إلا أن الكرسي الرسوليّ تدخل بقوة لعقد السينودس في 19 حزيران في عين تراز. وكان ينتظر حضور رئيس مجمع الكنائس الشرقية في الفاتيكان الكاردينال ليوناردو ساندري بنفسه، لكنه عدل كما يبدو عن الحضور بحكم وصول رسالة منه تتضمن توجيهاته المباشرة. وفي ظل الخلافات الكثيرة بين أعضاء المجمع، ينتظر أن تعصف الملفات المالية والإدارية بأعمال هذا المجمع. ولم يكشف بعد إن كان البطريرك يتجه إلى الاستجابة لطلبات الفاتيكان المتعددة، فيقدم استقالته أخيراً. وهناك أزمة كبيرة تتعلق بأحد المطارنة الذي نقل من مقر البطريركية في الربوة إلى إحدى الأبرشيات، فانتقلت معه الشكاوى وتفاقمت. وفي حال تواصُل اجتماعات المجمع، ينتظر انتخاب نائب بطريركي جديد، إضافة إلى مطران على أبرشية فنزويلا ومتروبوليت لبيروت خلفاً لكيريلوس بسترس الذي تجاوز السن القانونية.