IMLebanon

الإستيراد إلى سوريا وتصدير أزمتها إلينا

 

 

كان الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله بحاجة إلى “جولة الأفق” الإقليمية والدولية في كلمته أول من أمس، كي يحط بنا على الساحة اللبنانية المأزومة جراء إفلاس الدولة وانهيار اقتصادها، قبل الانتقال إلى الحدود مع سوريا، لتكرار الدعوة إلى التطبيع الحكومي معها، بذريعة إنقاذ الاقتصاد من البوابة السورية، سواء بالتصدير عبرها أو بمعالجة خسائر التهريب بالتنسيق مع جيشها وقواها الأمنية.

 

التنسيق بين الجيشين في الشؤون الحدودية والأمنية متواصل ويسلم به القادة السياسيون من خصوم النظام السوري. وهو كفيل بمعالجة مشاكل التهريب ذهاباً وإياباً لكن الأمر له طابع سياسي قبل الأمني.

 

أراد نصرالله للمرة المئة إبلاغ اللبنانيين أن نظام بشار الأسد وجيشه انتصرا و”ما زال لديهم بعض المعارك العسكرية أو السياسية التي تحتاج إلى صمود وإلى مواصلة العمل، عندما نتحدث عن إدلب، عندما نتحدث عن شرق الفرات وعن بعض الأماكن في شمال سوريا، هذا يعني شيئاً جزئياً محدداً، معيناً”، كما قال. أراد تبديد الانطباعات عن ضعف النظام الذي بلغ حد نشر غسيل الصراعات داخل العائلة الحاكمة، باسترجاع ما يردده منذ العام 2011 عن انتصاره وسيطرته لطمأنة جمهوره وإيهام من يخالفونه الرأي، ومن لم تقنعهم عودة المعارك أكثر شراسة في كل مرة، وتحول سوريا إلى خريطة لتقاسم القوى الدولية والإقليمية مناطق النفوذ.

 

قيل سابقاً أن اقتصاد لبنان اختنق من الرئة السورية، بدلاً من أن يتنفس منها، فهي تعيش على التنفس الاصطناعي، والنفوذ الإيراني في العراق ولبنان، يؤمن لها جزءاً من الأوكسيجين.

 

كان للتركيز من قبل انتفاضة 17 تشرين، على أن الفساد الفاضح للطبقة السياسية سبب الأزمة المالية الاقتصادية بعد عقود من نهب المال العام، على بديهيته وصحته، بعد سياسي يتجاوز مكافحته. وقوى 8 آذار وحليفها الرئيسي في السلطة الرئيس ميشال عون ورئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل رفعوا شعار مكافحة هذه الآفة. وبقدر ما كان رفع الشعار يرمي إلى استمالة الجمهور الغاضب، كان يهدف إلى تبرؤ بعض هذا الفريق من التهمة، لكنه كان أيضاً ذريعة ضمنية للبعض الآخر للتهرب من كلفة النزف الذي تكبدته الخزينة والاقتصاد جراء خياراته السياسية الإقليمية. إنكار الانعكاسات الكارثية لاستخدام الاقتصاد اللبناني من أجل الالتفاف على العقوبات الأميركية والدولية على سوريا وعلى “حزب الله” وإيران، عبر التهريب واستنزاف احتياطي العملات الأجنبية واستيراد المواد الممنوعة عن طريق بيروت، بات غير مجدٍ في التغطية على دور هذا العامل في تدهور أوضاع البلد.

 

ولولا أن القضية وجودية بالنسبة إلى النظام السوري الذي اعتمد على الدور الإيراني العسكري والمالي من أجل البقاء، لما اضطر نصرالله إلى النفخ في انتصاراته، وهو غير قادر على تأمين الأساسيات حتى لجمهور الموالين له من السوريين، ويعيش عزلة خانقة، لتبرير الدعوة إلى التفاوض معه. من المؤكد أن “الحزب” غير مقتنع بأن التفاوض على تصدير إنتاج لبنان الزراعي والصناعي المفترض عبر بلاد الشام سيحل أزمته. والمعادلة التي يدعو نصرالله البلد إليها هي استيراد حاجات النظام عبر الآليات اللبنانية، حتى لو أدت إلى تصدير أزمة الاقتصاد السوري إلى لبنان.