كذب المنجمون ولو صدقوا. إذ يبدو أنّ عِلم “التبصير” والتنجيم لم يعد مقتصراً على السيّدة الصديقة ليلى عبد اللطيف، ولا على الصديق ميشال حايك، بل جاءنا اليوم بعض المحللين السياسيين، وبعض أساتذة الجامعات، وبعض الكتّاب ليقولوا لنا ماذا سيحدث في المستقبل. هنا تذكّرت موضوع الاستطلاعات التي تجرى في أميركا أيام الانتخابات، وكيف كانت كل المؤشرات والأرقام والنتائج والبحوث والعِلم تشير الى ان السيدة هيلاري كلينتون، ستفوز بالانتخابات الاميركية أمام الرئيس باراك أوباما. وللأسف سقطت كل نتائج الاستطلاعات، وفاز الرئيس أوباما على السيدة هيلاري كلينتون بالرغم من أنّ الآلاف من الاستطلاعات كانت تشير الى عكس النتائج.
نقول هذا الكلام، بعدما سُرّبت معلومات تقول بأنّ سوريا ستعود الى لبنان، وتضع “يدها” على الوضع السياسي، أما الثنائي الشيعي فسيحكم بالمشاركة على أن يكون لـ”الحزب العظيم” اليد العليا.
نحن نحترم جميع الآراء، لكن عندنا بعض الأسئلة:
أولاً: عن أي سوريا يتحدثون؟ وهنا لا بد من أن نبدأ بسؤال أساسي، ماذا بقي من سوريا التي نعرفها؟
ثانياً: بصراحة أصبحت سوريا اليوم مجزّأة الى عدة “دول” هي:
أ- الدولة العثمانية أي التركية
ب- الدولة الاميركية
ج- الدولة الكردية
د- الدولة الروسية
هـ- الدولة الايرانية ودولة “الحزب العظيم” ودولة الحرس الثوري.
أكتفي بهذا الكم من الدول لنسأل أنفسنا… ماذا بقي من سوريا؟؟؟
ثالثاً: هناك إستحقاق دستوري اسمه إنتخاب رئيس للجمهورية. وعندنا سؤال هو: كيف يمكن أن تجرى إنتخابات، ونصف الشعب السوري مهجّر، إذ يوجد 12.5 مليون سوري من أصل 25 مليوناً خارج سوريا بعدما هربوا من بلدهم بسبب الحرب خصوصاً وأنّ معظم هؤلاء إن لم نقل جميع الذين هربوا من القتل، لا يزالون يرفضون العودة.
كذلك فإنّ نصف سوريا من بيوت وجامعات ومستشفيات ودوائر رسمية مدمّر وهو يحتاج الى أموال. كما يُقال إنّ سوريا كي تعود كما كانت قبل الحرب الأهلية، تحتاج الى 500 مليار دولار، السؤال: من سيدفع هذا المبلغ الكبير غير المتوفّر في هذه الأيام؟ لأنّ معظم بلاد العالم بحالة عجز مالي ووضع إقتصادي صعب، بسبب جائحة “الكورونا”.
رابعاً: على أي قانون ستتم الانتخابات؟ وكيف يمكن أن تجرى إنتخابات قبل أن يكون هناك دستور جديد وحل سلمي؟
خامساً: هل يستطيع النظام الحالي أن يُبْرِم مصالحات بينه وبين شعبه خصوصاً أنّ نصف الشعب قد هرب من النظام، كما ذكرنا، ولا يريد العودة قبل تغيير هذا النظام؟
بكل تواضع، لو عدنا الى تاريخ سوريا منذ الاستقلال وحتى مجيء الرئيس حافظ الأسد، لم يستطع أي رئيس أن يحكم سوريا، إذ كانت هناك إنقلابات عسكرية، بين الانقلاب والانقلاب هناك إنقلاب… الوحيد الذي استطاع أن يحكم سوريا 30 سنة منذ عام 1970 الى العام 2000، لولا حادث الإخوان المسلمين لم تعرف سوريا أي إستقرار في تاريخها كالإستقرار الذي فرضه الرئيس حافظ الأسد، وهنا السؤال: كيف استطاع هذا الرجل أن يحكم سوريا من دون أي مشكلة؟ الجواب: لسببين: أولاً علاقات جيّدة مع أميركا، ثانياً والأهم ذكاء خارق لرجل اسمه حافظ الأسد. هذا الرجل لن يتكرر في التاريخ.
جاء الرئيس بشار الأسد وبسبب عدم قدرته على الحكم، ضاعت سوريا وأصبحت دويلات متناحرة كل واحدة ضد الأخرى.
نعود لنقول: هل هذه الدولة التي كان اسمها سوريا تريد أن تحكمنا؟ وهل هي قادرة على حكم نفسها أو توحيد البلد وإرجاعه الى ما كان عليه؟