Site icon IMLebanon

في اللاذقية… إهانة مزدوجة

 

 

ربما كانت الغارة التي شنها الاسرائيليون أمس على اللاذقية أكثر الغارات إهانة لمحور الممانعة. صحيح انها ليست الأولى في عرين الرئيس السوري ومنطقة تمركز القوات الروسية بحراً وبراً وجواً، لكنها أبلغ تعبير عن تحول النظام أضعف لاعب على الرقعة السورية ورهن النفوذ الايراني فيها بحسابات اسرائيلية وروسية.

 

الأكثر ايلاماً في القصف المتكرر، هو اللغة الخشبية التي لا تزال أداة تعبير النظام وحلفائه الممانعين، في مواجهة فعل الحرق والقتل والتدمير الذي تمارسه اسرائيل. وإذ ان نكتة “الرد في التوقيت والمكان المناسبين” اختفت عن رادار البيانات لأنها أحلَّت السخرية محل الضحك، فإن المعجم الممانع ابتكر ما يفيد التقليل من حجم الإهانة عبر اعلان التصدي للصواريخ وإسقاطها، ومن خلال تجاهل الخسائر البشرية. ولا يفيد ذلك إلا بأن حرباً على مدى أحد عشر عاماً قتلت وشردت نصف الشعب السوري، لم تكن بالنسبة الى المحور الممانع سوى وقت مؤامراتي مستقطع، تُستأنف بعده ادعاءات تحطيم المؤامرات على “صخرة الصمود الأسطوري”.

 

وليس صنو “التصدي الناجح” لمئات الغارات ونظرية “استيعاب الضربات” في سوريا إلا حديث “الكرامة” لدينا. وهي لا تستثار إلا في مواجهة الخليج انتصاراً لجورج قرداحي وتضامناً مع الحوثيين، أو في مثل الدعوة الممانِعة الى “احترام النص الدستوري” بإعطاء البرلمان (سيد نفسه) مهمة قبع المحقق العدلي حماية للمدعى عليهم بتفجير النيترات الاجرامي. في سوريا تبرير للاستباحة الاسرائيلية واستمرار الأزمة الوطنية على مذبح المشروع الاقليمي. وعندنا تدمير لمصلحة لبنان العربية ولحق اللبنانيين في الحقيقة، إكراماً للمشروع نفسه ومنعاً لإقامة دولة السيادة والقانون.

 

أطرف ما في موضوع اللعبة الاقليمية الجهنمية الدائرة على الأرض السورية تحذير محلل روسي الشهر الماضي بأنه “حفاظاً على الستاتيكو الحالي يجب ألا يتصاعد التوتر كلما شنت اسرائيل غارة على الأراضي السورية”. وواضح مدى احترام المحللين الروس “المجازين” الذين لا ينطقون إلا بلهجة فلاديمير بوتين للسيادة السورية والدور الايراني.

 

سيصعب كثيراً على الايرانيين، وهم في خضم مفاوضات فيينا، وفي معمعة الفشل الانتخابي العراقي، وخيبة الأمل من “تحرير” مأرب لتسجيل انتصار مهم للحوثيين، أن تتخلى موسكو عن أدنى واجبات صداقتها تجاه طهران متيحة لتل أبيب حرية ضرب ميناء اللاذقية، سواء استهدف مؤونات ايرانية لـ”حزب الله” أو سجل خسائر عادية في العنبر 12 اللاذقي. فتراجع الوجود الايراني في جنوب سوريا لمصلحة روسيا وانسحاب عناصره من قاعدة “تيفور” قرب حمص لا يحسبان – سوى بلغة الممانعين – “إعادةً للتموضع التكيتكي”. أما السماح بغارة اللاذقية فلا يُفسَّر إلا بعنجهية روسية تسمح لنفسها بالتعامل بدونية مع حلفاء وشركاء. الأمر سهلٌ مع نظام عاد من الموت على يد بوتين، لكن طعمه مر في فم الايرانيين، ذلك ان مشروع الهيمنة لا ينفصل عن بيع أوهام “زمن الانتصارات” والكرامة في كلّ حين.